شارك السيد عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة،  اليوم الإثنين 25 فبراير 2019،  بصفته ممثلا لفخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، في أشغال الجلسة الثانية و الجلسة الختامية، من القمة الأولى لدول الجامعة العربية ودول الإتحاد الأوروبي، التي تحتضنها مدينة شرم الشيخ المصرية. وقد القى بالمناسبة، السيد عبد القادر بن صالح، كلمة ضمنها مواقف الجزائر من القضايا المطروحة على جدول الأعمال، مبرزا الأهمية التي توليها الجزائر للتعاون العربي الأوروبي خاصة في مجل إدارة الأزمات و التصدي لها ومكافحة الإرهاب، مبرزا ضرورة توحيد الرؤى إزاء هذه القضايا في إطار مقاربة شاملة تأخذ بعين الإعتبار إحترام الصلاحيات السيادية و الوطنية و الإحترام المتبادل و عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

      رئيس مجلس الأمة جدد مقف الجزائر الداعم لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس، كما ذكر بالمقاربة الجزائرية في حل الأزمات و المبنية على رفض التدخل في الشؤون الداخلية  وتفضيل الحلول السلمية من حلال الحوار الشامل و المصالحة الوطنية. فيما يلي النص الكامل لكلمة السيد رئيس مجلس الأمة:

الجــمهــوريــة  الجــزائـريــة  الديمقــراطيــة  الشعـبـيــة

__________

كلمة

السيد عبد القادر بن صالح

رئيس مجلس الأمة

ممثل فخامة رئيس الجمهورية

السيد عبد العزيز بوتفليقة

في

أشغال القمة العربية-الأوروبية الأولى

____

شرم الشيخ، 24-25 فبراير 2019

 

- فخامة رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة السيد عبد الفتاح السيسي،

- أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،

- معالي السيد دونالد توسك Donald Tusk  رئيس المجلس الأوروبي،

- معالي السيد جان كلود يونكر Jean-Claude Juncker رئيس المفوضية الأوروبية،

- معالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية،

- أصحاب المعالي والسعادة،

يشرفني في البداية أن أنقل إليكم تحيات فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي شرفني بتمثيله في قمتنا هذه، وتمنياته الصادقة والخالصة بنجاح هذه القمة.

كما يسرني أن أتوجه بخالص التقديـر والشكر لفخامـة السيـد عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظينا بهما منذ حلولنا في مصر الشقيقة، معربين عن ثقتنا بأن تشكل هذه القمة قفزة نوعية نحو تحقيق طموحاتنا وأهدافنا جميعا من خلال رفع مستوى هذا التعاون.

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،

أصحاب المعالي والسعادة،

لقد شهد مسار التعاون بين دولنا العربية والأوروبية خلال فترة وجيزة حركية معتبرة توجت اليوم بانعقاد أول قمة عربية أوروبية نأمل أن تساهم في تكريس وتعميق هذا المسار عبر إرساء دعائم قوية وصحيحة خدمة لأهداف دولنا وشعوبنا وتحقيقا للغايات السامية المشتركة التي أسس من أجلها.

ولقد بات من الضروري بل ومن الحيوي لنا جميعا كشركاء في إطار مؤسسات التعاون العربي الأوروبي إضفاء مزيد من الأهمية والفاعلية على الهياكل المؤسساتية للتعاون العربي الأوروبي على غرار مجموعات عمل الحوار الاستراتيجي، سيما في مجالات إدارة الأزمات والتصدي لها ومكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة، وتوحيد الجهود والرؤى في مواجهة الإرهاب العابر للحدود والتطرف العنيف والتعاطي مع  أزمة الهجرة على مختلف  مستوياتها.

وإن مختلف هذه الاهتمامات التي نبديها جميعا بمؤسسات التعاون العربي الأوروبي وأدوارها المنتظرة لا بد أن تندرج ضمن مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار احترام الصلاحيات الوطنية والسيادية في إطار احترام المبادئ المنظمة للعلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،

أصحاب المعالي والسعادة،

لقد تركزت عناية واهتمام بلادي بهذا الإطار الأمثل للتعاون العربي الأوروبي منذ انطلاقه، وسعت سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد الأطراف للدفع به الى مستويات أعلى وأسمى، لاسيما في ظل التقارب المشجع في المواقف إزاء بعض القضايا ذات الاهتمام المشترك.

إن المصالح الاستراتيجية التي تربط بين العالم العربي وأوروبا تفرض علينا إيلاء كل الاهتمام والعناية للارتقاء بهذا التعاون إلى مراتب أسمى وإعطائه الأولوية اللازمة به لمواجهة التحديات المشتركة الماثلة سيما في الظروف والتطورات الحاصلة، في خضم مرحلة دقيقة من واقع دولنا وشعوبنا التي استفحلت فيه الأزمات وتزايدت فيه بشكل مخيف بؤر التوتر وعوامل عدم الاستقرار.

السيدات والسادة،

لا بد لي من التذكير مجددًا بأن الجزائر ما فتئت تدعو إلى مواصلة المساعي الدولية للتوصل إلى حل دائم وعادل وشامل للقضية الفلسطينية من خلال ضمان احترام تنفيذ قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية التي أكدت على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة في حدود 1967، عاصمتها القدس الشريف.

 كما أجدد، من هذا المنبر، دعوة بلادي لانتهاج وتبني مقاربتها، التي أثبتت الأيام والأحداث نجاعتها، في حل الأزمات التي تعصف بالمنطقة العربية على غرار الأزمات السورية واليمنية والليبية وذلك برفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتفضيل الحلول السلمية السياسية من خلال الحوار الشامل والمصالحة الوطنية.

فلطالما حذرت الجزائر من الاثار المترتبة عن الأزمة في ليبيا على الأمن والاستقرار في كامل المنطقة، داعية باستمرار الأطراف الليبية إلى وضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتقديم التنازلات الضرورية للتوصل إلى حل سياسي توافقي في إطار مساعي الأمم المتحدة بما يحفظ سلامة ليبيا ووحدتها وسيادتها واستقرارها.

وما انفكت الجزائر تعبر عن دعمها لجهود المبعوث الأممي وللمساعي الدولية الرامية إلى احترام اتفاق وقف الأعمال العدائية في سوريا الشقيقة، ودعوة كافة الأطراف إلى الانخراط في الحركية الإيجابية لإيجاد تسوية سياسية للأزمة ومؤكدة إيمانها الراسخ بإمكانيات وقدرات الشعب السوري الشقيق في إعلاء المصلحة العليا وتحقيق مصالحة وطنية شاملة من شأنها إخراج سوريا من هذه المحنة.

كما تدعم الجزائر الحوار بين الفرقاء اليمنين برعاية الأمم المتحدة بما يكفل الحفاظ على وحدة الشعب اليمني وسيادته وسلامة أراضيه.

ومن جهة أخرى فقد تفاقمت ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف وتعاظمت ارتباطاتها بالجريمة المنظمة العابرة للحدود، وتزايدت بالنتيجة التهديدات الناجمة عن عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب بسبب حالة اللاَّاستقرار الناجمة عن الاضطرابات والأزمات التي تعرفها المنطقة، وعليه فإننا مطالبون اليوم بتكثيف جهودنا المشتركة، ثنائيا وكذا على المستوى المتعدد الأطراف، لمواجهتها وفق مقاربة شاملة ومنسجمة مع الشرعية الدولية.

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،

أصحاب المعالي والسعادة،

إن الجزائر تأمل من خلال هذه القمة أن تخرج برؤية استراتيجية متكاملة تشمل مختلف ميادين التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعلمي تكون في مستوى عمق الروابط التاريخية وثقل التراث الإنساني والحضاري المشترك بيننا، وذلك لمواجهة كل هذه التحديات ورفع رهان البناء والتنمية وضمان أمن واستقرار السوق النفطي والتعاون لمواكبة التطورات التكنولوجية والعلمية، والحرص على حقوق وأمن الجاليات العربية المهاجرة المقيمة بديار المهجر بأوروبا… ; وبخصوص إشكالية الهجرة  فإنها تتطلب مقاربةً مشتركةً وشاملةً تأخذ بعين الإعتبار أبعادها الأمنية و التنموية.

أصحاب الجلالة والسمو والفخامة،

أصحاب المعالي والسعادة،

أجدد من هذا المقام استعداد الجزائر التام في الإسهام في دعم وتعزيز الشراكة العربية-الأوروبية في مختلف المجالات، وفق لرؤيتها القائمة على استغلال كل الفرص المتاحة لدى الجانبين وكل إمكانيات التعاون القائمة بما يؤدي إلى توسيع مجالات هذا التعاون وترقيته بشكل مستمر ومطرد.

وفي الأخير، لا يسعني سوى أن أتمنى صادقا كل التوفيق والنجاح لهذه القمة باعتبارها حدثًا استثنائيا ومميزًا في تاريخ شعوبنا ودولنا، راجيًا أن تفضي إلى نتائج إيجابية تحقق كل ما نصبو إليه من آمال وتطلعات.

شكرًا على حسن الإصغاء.

 

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte