كلمة السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الموجهة للمشاركين في فعاليات المنتدى الأول "إندونيسيا-إفريقيا" تلاها نيابة عنه السيد محمد عمرون رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية في الخارج.

كلمة السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة الموجهة للمشاركين في فعاليات المنتدى الأول "إندونيسيا-إفريقيا" تلاها نيابة عنه السيد محمد عمرون رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية في الخارج.

01 سبتمبر 2024

كلمة

السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة

الموجهة للمشاركين في

فعاليات المنتدى البرلماني الأول "إندونيسيا - أفريقيا"

(يتلوها نيابة عنه السيد محمد عمرون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية في الخارج)

بالي (جمهورية إندونيسيا)، 1-2 سبتمبر 2024

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الكريم أيتها السيدات الفضليات، أيها السادة الأفاضل الحضور الموقر يشرفني المشاركة في أشغال المنتدى البرلماني الأول "إندونيسيا - إفريقيا"، بتكليف من السيد صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة، والذي يُبلغ الجميع تحياته وتمنياته بالنجاح والسداد لهذا التجمع الكريم، وقد توجه إليكم بكلمة كلفني بتلاوتها نيابة عنه، هذا نصها: يُسعدني أن أتوجه بالتحية إلى الحضور الكريم كل بإسمه ومقامه بمناسبة هذا اللقاء الهام الذي يجمع إندونيسيا الشقيقة مع قارتنا إفريقيا. كما أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن خالص شكرنا ومشاعر الصداقة تجاه أشقائنا وأصدقائنا في إندونيسيا على كرم الضيافة وحسن الوفادة، كما أشكرهم على التنظيم الجيد لهذا الحدث. ولا يفوتني أيضا أن أنوه بأهمية إنعقاد أشغال هذا المنتدى البرلماني الأول "أندونيسيا - افريقيا"، تحت شعار" إقامة شراكة برلمانية بين إندونيسيا وأفريقيا من أجل التنمية"، والذي يشكل بلا شك، فضاء مميزا مكرسا للدبلوماسية البرلمانية ومعززا للتعاون بين إندونيسيا وأفريقيا في سبيل التنمية المفيدة للجميع. ونحن بصدد تبادل الحديث والنقاش في إطار المنتدى البرلماني هذا، ينبغي التذكير بالعلاقات الأفريقية الإندونيسية، التي ترتكز على إرث تاريخي مشترك عماده الصداقة 

القوية والثقة المتبادلة والتضامن العريق تجسيدا للدعم المعتبر الذي لم تتوانى إندونيسيا في تقديمه للحركات التحررية ومن ضمنها للثورة التحريرية الجزائرية. كما لا يمكنني كمجاهد ألا أتذكر قرار رئيس إندونيسيا الراحل أحمد سوكارنو بدعوة جبهة التحرير الوطني ستة أشهر بعد اندلاع ثورة التحرير الوطنية للمشاركة في مؤتمر باندونغ في أفريل 1955 والذي جمع ممثلي شعوب آسيا وإفريقيا، وإنها كانت حقا مناسبة للاعتراف بحق الشعب الجزائري في تقرير المصير والاستقلال.. وهنا يهمني لفت عنايتكم إلى أنه وكما بلادي الجزائر تتأهب في غضون شهرين للاحتفاء بالذكرى السبعين (70) لإندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 ، فإن مؤتمر باندونغ هو الآخر سيحصي العام المقبل - كما تعلمون - مرور سبعين (70) سنة على تأسيسه، وستكون بكل تأكيد - مناسبة للبحث في قراءة مستجدة لمفهوم عدم الانحياز تتواءم ومستجدات الراهن الدولي، وتبتغي الذب عن الأهداف والمنتهيات التي أدت إلى بعثها وإنشائها... ومثلما لا يخفى عليكم، الحضور الكريم، فقد تُوجَتْ أشغال مؤتمر باندونغ بالتأسيس للعلاقات الأفريقية الأسيوية، كما شكل المؤتمر محطة إنطلاق النواة الأولى لحركة عدم الإنحياز التي تم تأسيسها لاحقا، مما يؤكد الدور الكبير الذي لعبته إندونيسيا في كل ذلك. ونظرا لكون إندونيسيا تتمتع بالثقل السياسي، الاقتصادي والجيوسياسي إقليمياً وعالمياً، فإن علاقاتها مع أفريقيا ستكتسي دون شك أهمية بالغة، من هذا المنطلق. فإن المنتدى البرلماني الأول إندونيسيا أفريقيا، يساهم في إحياء التاريخ الذي ربط أفريقيا بإندونيسيا في الماضي، كما يلعب دورا هاما في إضفاء حركية جديدة على هذه العلاقات التاريخية، لا سيما في أبعادها التنموية الاقتصادية والاجتماعية على وجه الخصوص.

حري بنا التذكير أن بلادي الجزائر ترافع دوما لتعزيز استقلالية القرار السياسي للقارة الافريقية بإستقلالية القرار الاقتصادي وهي تعمل جاهدة من اجل دعم كل ما من شانه تعزيز لتكامل الاقتصادي والتجاري للقارة، سواء ما ارتبط بمبادرة النيباد (NEPAD) او ما يتعلق بالتبادل الحر في القارة ، حيث وقعت الجزائر في مارس 2018 على اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF) والبروتوكولات الثلاث المتعلقة بتجارة السلع وتجارة الخدمات وفض النزاعات والتصديق على الاتفاقية المنشئة للمنطقة الإفريقية للتجارة الحرة. في هذا السياق، فقد تبنت بلادي ونفذت العديد من المبادرات والاستراتيجيات لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا، ترجمتها استثمارات عديدة في شتى الميادين، كما أقر رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، رصد الجزائر في 2023 مبلغ مليار دولار أمريكي لفائدة مشاريع تنموية في إفريقيا من خلال الوكالة الوطنية للتعاون الدولي التي أنشأتها عام 2020 من أجل المساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في القارة الإفريقية. لذلك، يتوجب علينا كبرلمانيين ممثلين لشعوبنا التفكير في كيفية وضع الخطوات العملية التي من شأنها إعطاء زخم وكثافة أكبر للعلاقات الإفريقية - الإندونيسية في بعدها البرلماني وغيره من الأبعاد. وفي هذا السياق، يتعين الحرص على تطوير العلاقات الاقتصادية عبر ترقية الاستثمارات المباشرة وتنمية التبادلات التجارية البينية وتوسيع فرص التعاون والشراكة والاستثمار بين أفريقيا وإندونيسيا. وتمكين أفريقيا من الأدوات والإمكانيات المدعمة لتنميتها كنقل التكنولوجيا وتقليص الفجوة الرقمية التي تفصلها عن بقية العالم، كما ينبغي الحفاظ على الطابع المتميز للعلاقات الأفريقية - الإندونيسية، والعمل على تكثيف التنسيق في مختلف أطر التعاون متعدد الأطراف لا سيما منظمة الأمم المتحدة، وحركة عدم الانحياز... وبالنظر للأوضاع المتقلبة والمتوترة دوليا فإن المنتدى البرلماني الأول إندونيسيا أفريقيا يشكل سانحة للنقاش حول سبل تطوير التعاون بين الطرفين وكذا فى كيفية معالجة فشل منظومة الأمن الجماعي، وإهتزاز العمل الدولي متعدد الأطراف، وانتشار منطق إستخدام القوة والتدخلات العسكرية كبديل عن الحلول السلمية والدبلوماسية... وفي هذا الإطار، فإن بلادي الجزائر وبصفتها عضو غير دائم في مجلس الأمن أكدت مرارا بأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال غض الطرف عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي غزة على وجه الخصوص، ونقول اليوم، أنه من الضروري التذكير بالمسؤولية المنوطة بمجلس الأمن لتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني مع التأكيد على واجب المرافعة من أجل مساءلة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمه وخروقاته للقانون الدولي برمته... كما لا يمكننا، ونحن نستحضر تلك النفحات التحررية التي كرسها مؤتمر باندونغ ذات يوم، أن نتجاهل إستمرار الظاهرة الاستعمارية في الصحراء الغربية المحتلة وبالنتيجة، يتعين المطالبة بضرورة التعجيل بتصفية أخر مستعمرة في القارة الإفريقية. مرة أخرى، شكراً لأشقائنا في أندونسيا على تنظيمهم لهذا المنتدى الذي جمعنا اليوم وسيكون مفيدا لنا جميعا مواصلته وتعميقه مستقبلا.

أشكركم على كرم الإصغاء.

مجلس الأمة، جميع الحقوق محفوظة © 2025
Powered by : KYO Conseil