في كلمته الافتتاحية، السيد عزوز ناصري رئيس مجلس الامة، يؤكد أن الجزائر رائدة في نصرة القضايا الإفريقية، وماضية في تعزيز رفاهية المواطنين وترسيخ العدالة الاجتماعية أعضاء مجلس الأمة يناقشون في جلسة علنية نص قانون المتضمن قانون المالية 2026
01 ديسمبر 2025
ترأس السيد عزوز ناصري، رئيس مجلس الأمة، اليوم الاثنين 01 ديسمبر 2025، جلسة علنية، خصّصت لعرض ومناقشة نصّ القانون المتضمن قانون المالية لسنة 2026؛ وقد حضرها السيد عبد الكريم بو الزرد، وزير المالية بصفته ممثلا للحكومة، والسيدات والسادة، محمد عرقاب وزير الدولة، وزيراً للمحروقات والمناجم، محمد الصديق آيت مسعودان، وزير الصحة، يحي بشير، وزير الصناعة، عبد الحق سايحي، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، حورية مداحي، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية، محمد صغير سعداوي، وزير التربية الوطنية، نجيبة جيلالي، وزيرة العلاقات مع البرلمان.
في مستهلّ الجلسة، أكّد السيد رئيس مجلس الأمة، عزوز ناصري، اعتزاز الجزائر بدورها الثابت في نصرة قضايا القارة الإفريقية وصون حقوق شعوبها، مذكّرًا بالمكانة الريادية التي تحتلها الدبلوماسية الجزائرية في الدفاع عن الذاكرة الجماعية للقارة، وذلك بمناسبة المؤتمر الدولي حول تجريم الاستعمار في افريقيا ،المنظم تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، كما أشاد بالقرارات الهامة التي أقرّها السيد الرئيس خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، لاسيما ما تعلق برفع الحدّ الأدنى للأجور والزيادة في منحة البطالة، واصفًا إيّاها بالقرارات التاريخية التي تجسّد التزام الدولة برفع مستوى معيشة المواطنين وتعزيز أسس العدالة الاجتماعية. وفي هذا السياق، ثمّن السيد رئيس مجلس الأمة التوجّهات الرشيدة لرئيس الجمهورية، معربًا عن تقديره لما تحمله هذه الإجراءات من بشائر إيجابية تمسّ شريحة واسعة من المواطنات والمواطنين.
عقب ذلك، احال السيد رئيس مجلس الأمة الكلمة إلى ممثل الحكومة، السيد عبد الكريم بو الزرد، وزير المالية، الذي قدّم عرضًا مفصّلًا حول نص قانون المالية لسنة 2026، موضحًا أنّ هذا النص يواصل تكريس الطابع الاجتماعي للدولة، من خلال تخصيص ما يقارب 6000 مليار دينار لنفقات التحويل، من بينها 420 مليار دينار لمنحة البطالة، و424 مليار دينار لدعم صندوق المعاشات، و656 مليار دينار لدعم أسعار المواد الأساسية على غرار القمح. كما تشمل هذه التحويلات ما قيمته 2800 مليار دينار موجّهة للمؤسسات والإدارات العمومية، ولا سيّما الجامعات والمستشفيات.
وأضاف السيد الوزير أنّ المشروع يأتي في سياق وطني يتميّز بانتعاش تدريجي للنشاط الاقتصادي، مدفوعًا بجهود الحكومة في مختلف القطاعات، مع إبراز المساعي المتواصلة لتشجيع الاستثمار، وتنويع الاقتصاد الوطني، وإعادة بعث المشاريع الكبرى المهيكلة، فضلًا عن تطوير الصادرات.
كما أشار إلى أنّ المؤشرات الاقتصادية تثبت أنّ الاقتصاد الوطني يسير في الاتجاه الصحيح، إذ بلغ الناتج الداخلي الخام خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية 10047 مليار دينار (74.5 مليار دولار)، مقابل 9300 مليار دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، أي بارتفاع يقدّر بـ 8%. كما بلغت الإيرادات خلال السداسي الأول 5600 مليار دينار، أي بزيادة قدرها 1450 مليار دينار على أساس سنوي.
فيما يخص العجز المالي، توقّع السيد الوزير أن يتراجع مع نهاية 2025 إلى حدود 4000 مليار دينار، مقابل توقعات سابقة في قانون المالية 2025 ببلوغه 9200 مليار دينار، وهو تحسّن يُعزى إلى استهلاك 70% فقط من الميزانية وعدم صرف بعض التمويلات المخصّصة للقطاع الاقتصادي. وأكّد أنّ مسار تقليص عجز الميزانية سيستمر إلى غاية آفاق 2028.
حول آفاق النمو، أوضح السيد وزير المالية، أن التوقعات تشير إلى حفاظ الاقتصاد الوطني خلال السنوات الثلاث المقبلة على وتيرة تفوق المعدل العالمي، إذ سيبلغ معدل النمو 4.1% في 2026، و4.4% في 2027، و4.5% في 2028، مع تسجيل نمو خارج قطاع المحروقات في حدود 5%، بفضل الأداء المرتقب في قطاعات الصناعة (+6.2%)، الفلاحة (+5.4%)، البناء (+5.1%)، والخدمات (+5%).
كما أكد أنّ الإيرادات الإجمالية المتوقعة في ميزانية 2026 ستتجاوز 8000 مليار دينار، وهو ما يعكس الجهود المبذولة لتعبئة الموارد خارج قطاع المحروقات، خاصة في المجال الجبائي. وتوقع أن ترتفع الإيرادات خارج المحروقات بنسبة 6.6%، بما يسمح بارتفاع الميزانية العامة إلى 17800 مليار دينار في 2027، وقرابة 19000 مليار دينار في 2028، مقابل 17626 مليار دينار في 2026 و16794 مليار دينار في 2025.
وعلى صعيد الأحكام التشريعية، أوضح السيد عبد الكريم بو الزرد أنّ مشروع القانون يتضمّن مجموعة من التدابير التحفيزية والرقابية، منها تسوية وضعية المؤسسات المتأخرة في دفع مستحقاتها الجبائية، والحفاظ على استقرار أسعار المواد واسعة الاستهلاك، وتخفيف الضريبة على الدخل الإجمالي كإجراء داعم للأسر. كما يشمل تدابير لفائدة المؤسسات الناشئة وحاضنات الأعمال والابتكار، وتشجيع نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات وقطاع النقل، إلى جانب دعم قطاع السكن، خاصة برنامج البيع بالإيجار “عدل”.
ويتضمن المشروع أيضًا إجراءات لتعزيز الرقمنة وتبسيط الإيرادات الجبائية، ومكافحة الفساد وتبييض الأموال والتهرب الجبائي، انسجامًا مع التزامات الجزائر الدولية. كما يُولي أهمية خاصة لتعزيز التعاون الدولي من خلال تسهيل مهام الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، ودعم نظام التقاعد الذي تغطي الخزينة العمومية عجزه السنوي.
ليُحيل بعدها السيد رئيس مجلس الأمة، الكلمة إلى مقرر لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية السيد حبيب نور الدين، الذي تلا التقرير التمهيدي الذي أعدّته اللجنة في الموضوع؛ مؤكدة فيه أن نص القانون يكتسي أهمية استراتيجية، بالرغم من انه أُعدّ في ظرف دولي حساس يتسم بتوترات جيوسياسية وتقلبات اقتصادية عالمية، الا أنه يتطابق مع مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية للدولة، ويقوم على دعم الاستثمار، وتحسين فعالية وشفافية الإنفاق العمومي، وتوجيه الموارد نحو الأولويات التنموية. كما يعكس التزام الدولة بالحوكمة الرشيدة، ورفع مردودية الجباية، وتحسين الأداء القطاعي بما يضمن التوازنات المالية والاستقرار الاقتصادي، وتهيئة الظروف لمواصلة الإصلاحات وتحقيق نمو مستدام.
ثُمَّ فُسِحَ المجال أمام السيدات والسادة أعضاء المجلس للتعبير عن انشغالاتهم وطرح تساؤلاتهم، والتي تمحورت حول تخفيض العجز المسجَّل في رصيد الخزينة العمومية، وتحسين الإطار المعيشي للمواطن ودعم قدرته الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار، تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، التي تهدف إلى تبني سياسة مالية متوازنة وفعّالة، تضمن استمرار الاستثمار وتدفقه، والحفاظ على استمرارية التحويلات الاجتماعية باعتبارها أحد الركائز الأساسية للسياسة الوطنية، إلى جانب ضرورة تنويع الاقتصاد الوطني خارج قطاع المحروقات من خلال تشجيع الاستثمار في الزراعة والصناعة والسياحة، وتعزيز مسار التحول الرقمي واستغلال المشاريع المهيكلة ذات القيمة المضافة. كما شملت التساؤلات آليات محاربة السوق الموازية للعملة الصعبة، واستكمال المشاريع المتوقفة، وتحسين الجباية ودعم التشغيل، فضلًا عن الاستفسار حول نجاعة التدابير الجبائية والجمركية لموازنة 2026، ورقمنة القطاعات الحساسة، ولاسيما قطاع المالية، وكذا سبل الارتقاء بالصادرات خارج المحروقات.
هذا وسيواصل أعضاء مجلس الأمة، صبيحة يوم غدٍ الثلاثاء 2 ديسمبر 2025، أشغالهم في جلسة علنية، تخصص لمواصلة المناقشة العامة لمشروع هذا القانون، تليها مداخلات رؤساء المجموعات البرلمانية الخمس الممثَّلة في المجلس (حزب جبهة التحرير الوطني، الثلث الرئاسي، التجمّع الوطني الديمقراطي، جبهة المستقبل، الأحرار)، الذين سيعرضون مواقف وتوجّهات كتلهم السياسية بشأن نص قانون المالية لسنة 2026. وتُختتم الجلسة برد السيد وزير المالية على الانشغالات والتساؤلات التي أثارها أعضاء المجلس حول مضمون نص قانون المالية لسنة 2026.
جدير بالذكر، أن نص هذا القانون، سيُعرض على أعضاء مجلس الأمة للمصادقة عليه في الجلسة العلنية المقرر عقدها يوم الخميس 4 ديسمبر 2025.