كلمة  السيد عزوز ناصري، رئيس مجلس الأمة  خلال المشاركة في  فعاليات الجمعية 151 للاتحاد البرلماني الدولي

كلمة السيد عزوز ناصري، رئيس مجلس الأمة خلال المشاركة في فعاليات الجمعية 151 للاتحاد البرلماني الدولي

21 أكتوبر 2025

بسم الله الرحمان الرحيم، والصّلاة والسّلام على أشرف الـمرسلين

- معالي السيدة رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي،

- أصحاب المعالي السيدات والسادة رؤساء البرلمانات والوفود،

- السيدات والسادة البرلمانيون،

- الحضور الموقر،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

إن الموضوع محل النقاش العام والمتمحور حول: "ضمان احترام المعايير الإنسانية ودعم العمل الإنساني في أوقات الأزمات"، يكتسي أهمية بالغة، كونه يصنف ضمن التحديات التي تواجه العالم في الوقت الراهن وفي أفق المستقبل.

وفي هذا الإطار، يلاحظ بروز ضرورة دولية ملحة لمواجهة عقبات تكريس احترام المعايير الإنسانية، وفي مقدمتها الحق في الحياة وكيفية حمايته دون تمييز وفي كل مكان، فضلاً عن دعم العمل الإنساني بكل الوسائل المتاحة.

حيث بات مؤكدا للجميع أن الاستقرار والسلم والأمن غايات عالمية مرتبطة ارتباطا عضويا بضرورة احترام الشرعية الدولية والقانون الدولي في زمن السلم والحرب على حد سواء.

من هذا المنطلق، تمثل ترقية احترام المعايير الإنسانية برمتها مسألة جوهرية، كونها تشمل في ذات الوقت، المقاصد ذات الصلة بالقانون الدولي الإنساني، سيما في مجال تعزيز السلم والأمن العالميين، إلا أنه من الضروري كذلك توافر الإرادة السياسية الدولية الفعلية لتنفيذ هذا المسعى، لذا، تتطلب مسألة إحترام الحقوق الإنسانية ودعم العمل الإنساني التطوعي في زمن الأزمات، وجوب الالتزام بالقانون الدولي ذي القيم الإنسانية، الذي يضع قواعد هامة للتخفيف من آثار النزاعات المسلحة ويحمي الفئات المتضررة ويضمن إيصال المساعدات الإنسانية وفق ما حددته اتفاقيات جنيف التي تشكل أساس هذا القانون.

كما تزداد أهمية هذا الموضوع في الوقت الحالي جراء تصاعد انتهاكات الأحكام ذات الصلة بالقانون الدولي الإنساني، وتفاقم حجم الاعتداءات ضد العاملين في مجالات الإغاثة عبر مناطق النزاعات المسلحة، وعلى رأسها قطاع غزة بفلسطين المحتلة، والذي بات بفعل جرائم الاحتلال الإسرائيلي في التقتيل والتجويع والإبادة الجماعية، أخطر وأصعب بيئة لضمان الحق في العيش والكرامة الإنسانية ولممارسة العمل الإنساني، كما يعد في ذات الوقت ضروريا لدعم النظام الأممي متعدد الأطراف وإضفاء أكثر توازن وتضامن وعدالة في العلاقات الدولية، بما يضمن للبشرية جمعاء دون تمييز، الحق في النمو والتطور في بيئة آمنة متوافرة على كافة دعائم التنمية البشرية.

السيدات والسادة الأفاضل؛

إنّ الحديث عن الموضوع محل النقاش الحالي، يدفعني للتذكير، بأن بلادي الجزائر، وقّعت مؤخرا على الإعلان العالمي لحماية العاملين الإنسانيين، مع التشديد على ضرورة ضمان الحماية القانونية والأمنية الكاملة لهم.

كما تحرص الجزائر دوما تحت قيادة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على تعزيز مبادئ التضامن الدولي وحسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الغير، باعتبار ذلك أحكاما ثابتة في دستورها، وركيزة أساسية في سياستها الخارجية، ما جعلها من أولى الدول التي تسارع في كل مرة إلى تقديم مساعداتها الإنسانية للدول الشقيقة والصديقة، فضلا عن تقديم الهبات للدول المحتاجة أو تلك التي مازالت تقبع تحت نير الاحتلال، وفي هذا السياق أنشأت الجزائر، شهر فيفري 2020، الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية.

وقد خصصت السياسة التضامنية للجزائر على المستوى الدولي، حيزا هاما للوقوف مع الشعوب المستعمرة، سواء من خلال إلتزامها تجاه الشعب الفلسطيني، أو عبر تقديم مساعداتها للاجئين الصحراويين وتحسيس المجتمع الدولي بذلك. تجسيدا لمقاربتها في دعم الاندماج القاري ومساعيها الجادة ديبلوماسيا في حلحلة مختلف القضايا الشائكة بالطرق السلمية.

وفي هذا الإطار أجدد من هذا المنبر، دعوة بلادي الجزائر إلى انتهاج وتبني مقاربة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادة الشعوب في تقرير مصيرها، وتفضيل الحلول السياسية التوافقية على الحلول العسكرية، كما تأمل الجزائر من الاتحاد البرلماني الدولي التوافق على رؤية إستراتيجية جامعة، متكاملة وشاملة، بغية مواجهة التحديات المشتركة، مثل تفاقم ظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود، كما يستوجب الوضع، مواصلة رفع رهان التنمية وضمان السلم والأمن والاستقرار عبر العالم. ولا بد من التأكيد مجددا بأن بلادي الجزائر، ما فتئت تدعو إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي في مواجهة غطرسة الكيان الصهيوني وعدوانه المستمر ضد الشعب الفلسطيني، وعديد الأقطار العربية، كما تحث على مواصلة المساعي الدولية الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

وفي الختام، أملي كبير في أن تكلل أشغالنا هذه بالنجاح المنتظر، وأن تساهم من جانبها البرلمانات الوطنية المعبرة عن تطلعات شعوبها، في إرساء علاقات دولية متوازنة وعادلة تضمن احترام المعايير الإنسانية وتدعم العمل الإنساني، لاسيما في أوقات الأزمات.

أشكركم جميعا على كرم الإصغاء 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

مجلس الأمة، جميع الحقوق محفوظة © 2025
Powered by : KYO Conseil