http://www.majliselouma.dz/activites/com_president/2016/detail.php?id_com=201613

- السيد رئيس المجلس الشعبي الوطني،

- السيد الوزير الأول،

- السيد وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي،

- السيدات والسادة أعضاء الحكومة،

- السيدات والسادة أعضاء مكتب المجلس الشعبي الوطني،

- السيد الرئيس الأول للمحكمة العليا،

- السيدة رئيسة مجلس الدولة،                                        

- أسرة الصحافة والإعلام،

- السيدات والسادة الضيوف،

- زميلاتي، زملائي ؛

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ومرحبًا بكم في مقر مجلس الأمة.

بودي في البداية، سيداتي سادتي، أن أشكركم على تشريفكم مجلس الأمة، وأشكر لكم مشاركتكم إيانا المناسبة، مناسبة افتتاح الدورة الربيعية العادية لسنة 2016...

أيتها السيدات، أيها السادة،

نلتقي اليوم كما تعلمون للمرة الأخيرة في ظل الأحكام التي سيّرنا بها هيئتنا البرلمانية منذ تأسيسها، غير أننا هذه المرة نلتقي وكلنا أمل بأن تكون دورتنا الربيعية هذه بداية لتأسيس مرحلة جديدة في ظل أحكام دستور جديد أتى بأحكام من شأنها تغيير قواعد عملنا وتوسيع مجالات صلاحياتنا خاصة وأنه يأتي كتتويج لمسار إصلاحات كبيرة عرفتها البلاد خلال العشريتين الأخيرتين.

إصلاحات سياسية كانت حقًا عميقة وشاملة وفيها اعتمد السيد الرئيس نهج التدرج والمرحلية، نهج اِتَّسم بالواقعية لكنه اعتمد خاصة الجرأة والشجاعة في العديد من المجالات التي عالجها وحقق النتيجة فيها...

- فأخمد نار الفتنة وأرسى قواعد الأمن وحقق المصالحة الوطنية، وجعل الجزائريين يتصالحون مع بعضهم البعض ليخلص في النهاية إلى تعديل الدستور الذي كان لنا شرف المصادقة عليه منذ أقل من شهر...

أيتها السيدات، أيها السادة،

بودي هنا – ونحن نتحدث عن الدستور - الإشادة أولاً بالدور الرائد الذي لعبه صاحب المبادرة السيد الرئيس حين قدّم الدستور إلى البرلمان وأُحيِّيَ الموقف الذي قام به البرلمان المنعقد بغرفتيه في المصادقة على الوثيقة السامية التي بها أصبحت تحكم البلاد...

- كما لا يفوتني أن أعبر عن أسمى عبارات الشكر والامتنان لأعضاء البرلمان بغرفتيه على كل ما بذلوه من جهد مخلص، وتحلُّوا به من روح مسؤولية عالية فحققوا النجاح لهذه الخطوة الهامة في مسار تعزيز ركائز دولة القانون، والتي بواسطتها ستحتل الجزائر المكانة اللائقة بها كدولة، وتباهي بها دول العالم كونها أصبحت تسير بقانون سامي رائد يتجاوب مع تطلعات الشعب ويساير التوجهات الحديثة التي يعرفها العصر والعالم.

أيتها السيدات، أيها السادة،

بالمصادقة على هذه الوثيقة "المرجع" يكون أعضاء البرلمان قد عبروا عن قناعتهم بأن هذا التعديل يشكل نقطة تحول جوهرية في الحياة السياسية والمؤسساتية للبلاد، وفي ذات الوقتَ ساهموا في تهيئة خارطة طريق للعمل المستقبلي.

- وفيما يتعلق بمجلس الأمة، فإني أغتنم هذه السانحة لأعرب، باسم زميلاتي وزملائي أعضاء مجلس الأمة، عن تثميننا العالي وتقديرنا الكبير لهذه النقلة النوعية التي حدثت بمجلس الأمة بفعل الصلاحيات الدستورية التي زُود بها المجلس، والتي ستسهم حتما في ترقية الأداء البرلماني ببلادنا وستعطي للتجربة البيكاميرالية إضافة نوعية معتبرة... وهنا يهمني أن أعبر باسمكم عن كامل الاستعداد للتعاطي الإيجابي مع كل المبادرات التي تتفق ومرامي الدستور وتساير التوجهات الكبرى لبرنامج السيد رئيس الجمهورية.

والآن وقد تحقق كل هذا فقد أصبح مطلوبًا من الجميع تضمين محتوى هذه الخيارات والأحكام المتضمنة في بنود الدستور في محتوى القوانين التي ستقدم لنا مستقبلاً.

من كل هذا لا يساورني أدنى شك بأنكم تدركون هذه الحقيقة وتدركون حجم المسؤولية التي تقع من الآن فصاعدًا على عاتق كل واحد منكم... في إطار كسب رهان معركة المستقبل وفي مجال تحيين المنظومة التشريعية الوطنية وفقًا للأحكام الدستورية الجديدة والمستحدثة، وتلك التي ستدرج في نصوص جديدة وتواكب المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وقيم العدل والمساواة، وخاصة تلك التي جاءت لتكرس الحريات وترسم الحقوق الثقافية لشعبنا... باعتبارها مُكوِّنًا من مكونات الهوية الوطنية كترقية اللغة الأمازيغية إلى رتبة اللغة الوطنية والرسمية...

إن كافة هذه التدابير المسطرة في مضمون الدستور ستشكل ولا شك بناءً صلبًا في كيان الدولة من شأنه أن يعيد الحيوية والنشاط لمؤسسات البلاد ويحصّن جدارها الواقي ويَحُول دون إلحاق الضرر بها ومن أي متربص قد يسعى إلى المسِّ بمقوماتها.

- وضمن هذه الرؤية وهذا التصور ستتمحور الأفكار التي ستتضمنها مشاريع النصوص التي ستقدم لنا خلال هذه الدورة والدورات القادمة.

وهي كلها أعمال من شأنها أن ترشح هيئتنا، بالتكامل مع المجلس الشعبي الوطني، لتتولى مهمة إعادة النظر في الدور والمهمة لمؤسسات الدولة، وترسم المعالم الكبرى للرؤية المستقبلية لبناء الغد الواعد للجزائر...

أيتها السيدات، أيها السادة،

تأتي هذه الدورة في سياق ما بعد مرحلة التعديل الدستوري. لذلك فمن المرتقب (وكما تؤكده ذلك كافة المؤشرات الصادرة من الحكومة) أن هذه الأخيرة ستتولى تقديم العديد من المشاريع القانونية الهامة إلى البرلمان... مشاريع قوانين تضاف لتلك المودعة حاليا لدى المجلس الشعبي الوطني.

وهكذا ستتكفل هيئتنا بحزمتين من مشاريع القوانين:

- الأولى مشاريع قوانين لتنظيم بعض القطاعات ومواصلة إصلاحها،

- وأخرى مشاريع قوانين عضوية وعادية بقصد تكييفها مع متطلبات الأحكام الجديدة التي جاء بها التعديل الدستوري.

- وهكذا سيكون لهيئتنا الفرصة لدراسة وتحديد الموقف من عديد المشاريع القانونية التي تستوجب المراجعة أو التعديل في إطار مسار عملية التحديث والعصرنة التي باشرتها الدولة لمسايرة التطور الحاصل في بلادنا والعالم من خلال تأكيد الدولة الجزائرية على التزامها بتعهداتها الدولية في جميع المجالات وحرصها على حماية مصالحها الاقتصادية وتوفير كل أدوات النهوض والرقي المجتمعي فيها...

مشاريع القوانين هذه ستخص قطاعات مختلفة : كالعدالة، المالية، الصناعة، الداخلية، الاتصال، الصحة وغيرها...

وفي نفس السياق ستتولى هيئتنا بالدراسة والنقاش ما يزيد عن 30 مشروع قانون قيد التحضير والإعداد، من بينها 7 قوانين عضوية يضاف إليها مشروع اللائحة الخاصة بالنظام الداخلي لمجلسنا... وذلك بما يتماشى ومقتضيات التعديل الدستوري الجديد.

وعليه فستعكف الهيئة خلال هذه الدورة على تكييف ومواءمة حزمة من القوانين العضوية والعادية مع ما تضمّنه الدستور الجديد من تدابير وأحكام جديدة...

وبالتالي فسيوكل للسيدات والسادة أعضاء المجلس خلال الدورة معالجة مشاريع هذه الحزمة من القوانين التي تتعلق بكيفيات إعادة تنظيم هياكل الدولة ومهامها بالنظر مع الواقع الذي وَلَّده الدستور الجديد...

لن نطيل عليكم في ذكر عناوين ومضامين هذه المشاريع القانونية، والتي سوف توزع عليكم في حينها، غير أننا نريد أن نؤكد حقيقة مفادها أن البرلمان لن يتوقف عن العمل خلال الدورة لأنه لم يسبق له أن سجل مشاريع قوانين بهذا العدد ولا بهذه الأهمية.

كثرة المواضيع المسجلة مؤشر لحجم العمل الذي ينتظرنا.

لكنني، سيداتي سادتي، واثق من أنكم ستكونون (كالعادة) في الموعد وستكونون تأكيدًا في مستوى المسؤولية سواء تعلق الأمر بالأداء التشريعي أو بممارسة الدور الرقابي الذي سيعرف وتيرة مميزة هذه المرة...

أيتها السيدات، أيها السادة،

إن التحديات الكبيرة التي تفرضها الأوضاع الإقليمية والدولية المتميزة بمخاطر وتهديدات متعددة ومتنوعة يتقدمها الإرهاب والجريمة المنظمة العابرين للحدود والقارات، وهما اليوم مصدر تهديد لكافة الدول... زيادة على الانعكاسات السلبية للأوضاع الاقتصادية العالمية والتراجع المستمر لأسعار النفط... وكلها متغيرات توجب علينا العمل بها كمعطيات ضرورية للتصدي لمثل هذه الوضعيات على أرض الواقع... وسنعمل ضمن الهيئة على ترقية وتجسيد كل المشاريع ذات العلاقة والتي تأتي هيئتنا خصوصًا ما تعلق منها بتعزيز اللحمة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية وتجاوز الخلافات والتراشقات التي تتعارض ومتطلبات المصلحة الوطنية...

- منطلقين من هذه الرؤية للأمور فإننا ندعو إلى عدم تبني نهج الانسياق وراء الادعاءات الرامية إلى الإقلال من أهمية النجاحات المحققة في البلاد وفي مختلف المجالات وإظهارها بغير حقيقتها...

- ما ينبغي التذكير به في هذا المجال هو ضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن لغة التهويل والتيئيس التي تنتهجها بعض الأطراف، التي هي بالواقع لا تعدو أن تكون صيحات يائسة يطلقها البعض بعيدًا عن الواقع والحقيقة...

بالمقابل فإننا ندعو مسؤولي القطاعات المعنية للتعبير عن وجهة نظرهم في المواضيع التي تعنيهم وألاّ تترك الساحة فارغة لدعاة التيئيس وأنصار الشؤم...

فالكلام الفاقد للموضوعية إذا لم يتم تفنيده قد يصبح لدى البعض حقيقة...

أيتها السيدات، أيها السادة،

إن الواقع الذي يجب ألاّ يغيب عنا ونحن نتحدث عن أوضاع البلاد، هو تذكير من ينسون أو يتناسون أن بلادنا تعيش في أجواء الأمن والاستقرار وأننا في الجزائر طوينا صفحة الأحداث الأمنية المؤلمة التي عاشتها بلادنا في تجربتها المريرة مع الإرهاب، وهي الأوضاع التي من حسن الحظ أصبحت ضمن الذكريات التي لا نريد ولا نتمنى عودتها. هذه حقيقة يجب في كل مرة التذكير بها لكل من نسيها أو يتعمد نسيانها.

إننا ونحن نتحدث عن نِعَم الاستقرار الذي تنعم به بلادنا، فإن ذلك يجب ألاّ ينسينا الدور الذي قام به ذلك الرجل الذي بحكمته وحنكته وبُعد نظره استطاع أن يجعل البلاد آمنة ومستقرة وهو في كل مرة تمكّن من تجنيبها الانزلاق في دوامة المخاطر وأبعدها عن الوقوع في المكائد التي كان البعض يسعى إلى إيقاعها فيها... الأمر الذي يحتم علينا وفي كل مرة التذكير بها والإشادة بصاحبها الرئيس المجاهد عبد العزيز بوتفليقة.

وهنا يجدر كذلك التنويه بالوعي والحس الوطني الكبير اللذين أظهرهما الشعب الجزائري في كل مرة... ولكن مواصلة اليقظة والحذر تبقى أكثر من ضرورية أمام التحديات التي تواجه بلدنا بالنظر لما يقع في الجوار والمنطقة والعالم...

وفي الختام نتمنى التوفيق والسداد للجميع...

شكرًا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

diplomatie
culture
porte ouverte