شارك السيد عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، بصفته ممثل لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، اليوم الأحد 15 أفريل 2018 بمدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية، في أشغال القمة 29 بجامعة الدول العربية .

   و ألقى السيد عبد القادر بن صالح الذي كان مرفوقا بالسيد عبد القادر مساهل وزير الشؤون الخارجية كلمة هذا نصها الكامل :

حضرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية

حضرات السيدات والسادة

يشرفني في البداية أن أنقل إلى مقامكم السامي تحيات أخيكم فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي شرفني بتمثيله في قمتنا هذه، وتمنياته بأن تتوج أشغالها بتحقيق غاياتها وأهدافها.

ويسعدني أن أتوجه إلى خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، بأسمى عبارات الشكر و التقدير، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة الذين حظينا بهما ، منذ حلولنا بهذه الأرض الطيبة، متمنين لكم كل النجاح والتوفيق في إدارة أشغال القمة لبلوغ نتائج ترقى لطموحات شعوبنا ودولنا.

كما أدعو الله العلي القدير أن يحفظ أرض الحرمين الشريفين وقيادتها وشعبها من كل مكروه، مجددا تضامننا ووقوفنا إلى جانب المملكة العربية السعودية في مواجهة أي محاولة لاستهداف أمنها واستقرارها.

كما لا يفوتني أن أعرب لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ، ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، عن فائق التقدير لرئاسته الموفقة لقمتنا السابقة، وحرصه الشخصي على تحقيق وتنفيذ قراراتها لتجسيد كافة أهداف منظمتنا العربية.

و أود أيضا أن أشكر معالي الأمين العام السيد أحمد أبو الغيط، على جهوده المقدرة لإدارة جامعتنا العربية في خدمة العمل العربي المشترك.

 

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

نعود مجددا للالتقاء في هذه القمة وحال الوطن العربي لا يسر ولا يبعث على التفاؤل، لما بلغه من تدهور وترد في مختلف مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية. وقد كنا عقدنا العزم في اجتماعاتنا السابقة على بذل كل ما في وسعنا لمواجهة المخاطر المحيطة بدولنا، وتسريع وتيرة حل الأزمات وإطفاء نار الفتنة التي تعصف بأمتنا العربية، لكن النتائج المحققة لم تكن في مستوى الآمال والطموحات.

فما تم إنجازه، منذ بدء مسيرة العمل العربي المشترك، لا يرقى إلى ما تتمناه شعوبنا. فلم نوفق بعد في إصلاح منظومتنا المشتركة والخروج برؤية إستراتيجية موحدة تبعث الروح في العمل العربي المشترك قصد التكفل بمختلف قضايانا المصيرية السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وحشد الطاقات لتجاوز التحديات وتخطي الصعاب، لاسيما تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب الأعمى، والتصدي للفكر المتطرف الضال، وانتشار التنظيمات الإرهابية في مختلف أنحاء وطننا العربي والتكفل بآمال شعوبنا في التنمية والرقي والتطور والتكامل الاقتصادي والثقافي.

لقد آن الأوان أن نرقى بأدائنا إلى مستوى ما يحيط بأمتنا من مخاطر وتحديات، وأن نعي أن ما ينتظرنا قد يكون أكثر سوءا وأقل رحمة بأمننا واستقرار أوطاننا، ولا يتطلب ذلك أكثر من مراجعة للنفس وتحل بالشجاعة والجرأة لتحديد مواطن الخلل حتى نقدر على تقديم الحلول المناسبة لها.

فالظروف التي تمر بها منطقتنا العربية والعالم تقتضي منا تعضيد قوة وأمن واستقرار دولنا، وتعزيز التضامن بين دولنا وشعوبنا وتجاوز الخلافات و كذا إصلاح جامعتنا العربية بشكل يسمح لها بأن تلعب دورها كاملا و يسمع صوتها في المحافل الدولية و تجد الحلول اللازمة للنزاعات عوض أن تفرض عليها هذه الحلول من الخارج.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

وعلى ذكر هذه الأزمات، تستوقفنا هنا بكل أسى ما آلت إليه قضيتنا المركزية، القضية الفلسطينية، وما تتعرض له من محاولات آثمة للإجهاز عليها والنيل من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967، طبقا لقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام.

وهنا نجدد رفضنا وإدانتنا لإقدام الإدارة الأمريكية على الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لإسرائيل واعتزامها نقل سفارتها إليها وتحذيرنا من تداعياته الخطيرة على السلم والأمن الدوليين ، حيث يعتبر انتهاكا للقرارات الدولية و تقويضا لعملية السلام.

وإذ أهيب بالنضال البطولي للشعب الفلسطيني الشقيق واستماتته الباسلة والملحمية أمام ما يتعرض له من اعتداءات يومية وآخرها المجزرة المرتكبة في حق الأبرياء العزل في الذكرى الـ42 ليوم الأرض. أدعو إلى تعزيز الجهود لدعم إخواننا الفلسطينيين وحث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته كاملة للضغط على قوة الاحتلال بكافة الوسائل لحملها على الوقف الفوري لعدوانها على الشعب الفلسطيني الأعزل والانصياع لمبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

كما أدعو إلى الإسراع في تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالعمل مع المجموعة الدولية على تأسيس آلية دولية متعددة الأطراف، تحت مظلة الأمم المتحدة لإعادة إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط، بما يحقق حلا عادلا وشاملا للقضية الفلسطينية.

ولا يفوتني أن أجدد وفاء الجزائر، لموقفها المبدئي والثابت ودعمها اللامشروط لنضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وحثَّها على إنجاز المصالحة الفلسطينية وتوحيد صفوف الإخوة الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

 

تبقى الأزمة في ليبيا محل انشغالنا واهتمامنا المتواصل، وإذ نجدد الدعوة إلى تكثيف العمل من أجل تعزيز الحل السياسي والسلمي لهذه الأزمة تحقيقا لأمن واستقرار هذا البلد الجار والشقيق، بعيدا عن كافة التدخلات الأجنبية التي لا تخدم استقراره واستقرار المنطقة، فإننا نؤكد دعم الجزائر لمسار التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة، ومواصلتها العمل على تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين، وتشجيعهم على الحوار الشامل والمصالحة ونبذ لغة العنف وتغليب المصالح العليا لليبيا حفاظا على سيادتها ووحدة ترابها وانسجام شعبها.

وفي هذا الإطار، فان بلادي تشيد باتفاق المصالحة الذي تم مؤخرا بين مدينتي الزنتان ومصراتة، وهو مسار نأمل أن يشمل كل ربوع هذا البلد الشقيق بين كل أطيافه لتحقيق المصالحة والوفاق الوطنيين لبلوغ الاستقرار الذي ينهي كل الصراعات والتجاذبات بعيدا عن كل تدخل أجنبي لصالح جيش موحد تحت سلطة مدنية قادرة على الحفاظ على الأمن والوحدة الترابية لليبيا و كذا مكافحة الإرهاب.

 

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

وبخصوص الوضع في سوريا، فإننا نعرب عن انشغالنا العميق إزاء التصعيد الذي عرفته الأوضاع في سوريا وتداعياته على الشعب السوري الشقيق وعلى أمن واستقرار المنطقة ككل، وأريد بهذا الخصوص أن أؤكد مجددا على ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل سياسي سلمي، الذي يبقى الخيار الوحيد لإنهاء الأزمة، من خلال الحوار البناء بين الأطراف السورية، ولم شملها والتصالح فيما بينها إعلاء لمصلحة الوطن السوري الجامع لكافة أبنائه، بما يفضي إلى عودة لاجئيه إلى ديارهم، وإعادة بناء سوريا الغد في إطار احترام إرادة الشعب السوري في اختيار قيادته.

كما نؤكد أيضا على ضرورة انتهاج المصالحة الوطنية بما يكفل أمن و استقرار وسيادة سوريا ووحدتها، ويحقق آمال الشعب السوري الشقيق في التنمية والتقدم.

وبالنسبة لليمن الشقيق، فإن بــلادي تجدد مناشدتها للفرقاء اليمنيين لطي صفحة الاقتتال وتبني الحوار والحل السياسي والمصالحة كأساس لإنهاء هذه الأزمة، بما يضمن وحدة و سيادة واستقرار اليمن وتحسين الوضع الإنساني المتداعي وتحقيق طموحات الشعب اليمني الشقيق في العيش الكريم.

ويحدونا الأمل في أن تفضي المشاورات و الاتصالات التي يقودها المبعوث الأممي إلى بعث الحوار والتفاوض بين جميع الأطراف للوصول إلى حل سياسي توافقي يلبي طموحات الشعب اليمني الشقيق.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

إن الانتصارات المحققة مؤخرا على الإرهاب في المنطقة لا يجب أن تنسينا الحذر والحيطة، فهذه الآفة لم تنته بعد، فعودة المقاتلين الأجانب وانتقال الجماعات الارهابية إلى مناطق أخرى جديدة، تستدعي مواصلة اليقظة وحشد الطاقات وتكاتف الجهود والتنسيق مع المجتمع الدولي من أجل مواجهتها بأساليب ناجعة وفعالة، كما يتوجب الالتزام الصارم بمنع تمويل الارهاب، ومحاربة رديفاته من فكر متطرف، وتفش للجريمة المنظمة العابـرة للحــدود بكل أشكالها وغيرها من الآفات والمظاهر السلبية.

وذلك ما حرص فخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، على التنبيه إليه في رسالته التي وجهها إلى السادة اجتماع الدورة الـ 35 لوزراء الداخلية العرب، المنعقد في الجزائر شهر مارس الماضي.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

 

إن التكفل السليم والمتضامن فيما بين دولنا بالتبعات التي خلفها الإرهاب والأزمات في المنطقة، من شأنه أن يتيح لنا توفير كافة عناصر الأمن والاستقرار التي نحن بحاجة ماسة لها للانطلاق بعزم وقوة في مسارات البناء الاقتصادي والاجتماعي لدولنا.

وهي المسارات التي ستتعزز بإذن الله بلبنة جديدة في منظومة التعاون العربي المشترك، بإقرار عقد قمة ثقافية عربية تتيح لنا الإسهام في تحقيق نقلة نوعية ثقافية وحضارية للمواطن العربي، وتعزيز أواصر وعرى الأخوة والتضامن بين شعوبنا، وترقية الفعل الثقافي كأداة لخدمة التسامح والانفتاح على الأخر، والمساهمة في بناء صرح الثقافة الإنسانية بما لدينا من مخزون وتراث ثقافي وقيم روحية، لا بد من إبرازها للعالم والتأكيد على جدواها في مواجهة كل أشكال العنصرية والتطرف والكراهية.

شكرا لكم على كرم الإصغاء وحسن الاستماع

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte