بمناسبة انتخابه رئيسا لمجلس الامة، للعهدة البرلمانية 2019-2021، القى السيد عبد القادر بن صالح كلكمة هذا نصها الكامل:

بسم الله الرحمان الرحيم

- السيد وزير العلاقات مع البرلمان،
- السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمة،
في هذه المناسبة البرلمانية الخاصة بودي، زميلاتي زملائي أعضاء مجلس الأمة أن : أتوجه إليكم جميعًا بالشكر على الثقة التي قبل قليل منحتموني أياها، واختياري من بينكم لتولي شرف رئاسة هذه الهيئة الدستورية الهامة.
إنها ثقة أدرك حقيقة وزنها وكبير دلالاتها... وآمل أن أكون في مستوى حجمها، وأطمح في دعمكم لتحقيق أهدافها...
لكن قبل هذا وذاك أود خاصة أن أسدي الشكر لفخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، على الثقة التي وضعها في شخصي حين عينني ضمن قائمة الثلث الرئاسي لمجلس الأمة...
وهو التعيين الذي أعتز به وأدرك حقيقة وزنه... وأشكر لأجله فخامته على هذه اللَّفْتَة الكريمة التي حباني بها مرة أخرى، فله بالغ الشكر وكبير العرفان.

زميلاتي، زملائي،
وقد شرفتموني بثقتكم الغالية، الواجب يُحتم علي من الباب الأخلاقي – على الأقل - أن أتعهد أمامكم بأن أبذل قصارى جهودي لأكون في مستوى الثقة وأن أعمل بإخلاص لتأدية المهمة وفق ما هو مكرس في النصوص الناظمة لعمل هيئتنا والارتقاء بها إلى مستوى الطموح الذي نتقاسمه جميعًا لمجلسنا...
وأمامكم أود أن أتعهد بأن أعمل "في أدائي" كرئيس للهيئة... أقول أن أعمل على تحقيق الإنصاف في التعامل بين كافة أعضاء مجلسنا وكل أطيافه السياسية على حد سواء... وبقطع النظر عن اللون السياسي الذي يميز الواحد والآخر منكم، فإني سأحترم كافة الآراء وأتعاطى معها بكل موضوعية...
وأود كذلك أن أؤكد لكم أني سأعمل وأياكم لتوفير مناخ العمل المساعد الذي من شأنه أن يؤمِّن الأداء البرلماني بالشفافية المطلوبة والنجاعة المأمولة...
لكن قبل هذا وذاك، أود أن أستغل المناسبة لأتقدم بالتهنئة إلى كافة الزميلات والزملاء الجدد الذين التحقوا بالهيئة وأهنئهم على الثقة التي حظيو بها،
- إما من نظرائهم على مستوى المجالس المحلية،
- أو هم نالوا شرف التعيين من قبل فخامة رئيس الجمهورية. وأقول للزملاء الجدد أن انتماءهم للهيئة وأداءهم الجيّد سوف يعطي مجلس الأمة دمًا جديدًا كان متوقعًا...
لكني أود بالمناسبة أيضا أن أنوه بجهود كافة الزميلات والزملاء المنتهية عهدتهم وأن أقول لهم أن مجلس الأمة سيبقى مدينًا لهم بالفضل على كافة إسهاماتهم... ومقدرًا لجهودهم لصالح الهيئة والتي بفضلها تعزز حقًا الصرح التشريعي لبلادنا...

زميلاتي، زملائي،
بودي أن أقول لكم أيضا، وقد أصبحتم أعضاء في هذه الهيئة الدستورية المتميزة :
أنكم من الآن قد دخلتم مرحلة جديدة وهامة في حياتكم العامة... وتشاء الظروف أن يأتي هذا الانتماء متزامنًا مع فترة تعرف البلاد فيها تحديات كبيرة وتنتظركم فيها مهام عديدة من شأنها أن تقوي دوركم ومسؤوليتكم الوطنية.
وتبرز هذه الأهمية خاصة، عندما نقرنها بالإصلاحات السياسية الهامة التي بادر بها فخامة رئيس الجمهورية بكل ما سيترتب عنها من مشاريع نصوص قانونية ستبرمج في دورات البرلمان القادمة...

أيتها السيدات، أيها السادة،
لقد جئتم من ولايات مختلفة وجئتم تمثلون ألوانًا سياسية متنوعة...
جئتم تحملون تجربة ميدانية غنية، ومعكم بالطبع تطلعات سكان الجزائر العميقة... لكنكم أتيتم خاصة ومعكم مطالب وضعها على عاتقكم منتخبوكم بقصد نقلها وترجمة مضمونها في صلب قوانين البلاد المستقبلية.
وهنا أود أن أقول لكم أننا نرحب بكل المبادرات الجيدة والأفكار البناءة، لكننا نقول لكم خاصة... اِبقوا على صلتكم بالمواطن وتحسسوا انشغالاته المشروعة... لكن حاولوا أيضًا أن تجتهدوا مع بقية زملائكم ضمن الهيئة للبحث عن صيغ الحلول المشتركة لقضايا المجتمع الأساسية من خلال إصدار قوانين ناجعة تعالج مشاكل المواطن وتراعي مصلحة الوطن في آن واحد...

أيتها السيدات، أيها السادة،
وأنتم في بداية عهدتكم أقول لكم : أنكم في تأدية المهمة الجديدة أنتم مطالبون بمراعاة قواعد العمل المرعية والمعمول بها ضمن الهيئة.
- فأنتم في مهمتكم الجديدة لا تنطلقون من العدم، ففي المؤسسة التي أصبحتم تنتمون إليها... هناك قواعد عمل متبعة وقوانين مرعية لكن هناك خاصة رصيد تجربة غنية وضعها من سبقوكم في الانتماء إلى الهيئة... حاولوا أن تعززوا من مساحتها وطعموها بتجربتكم الشخصية التي قد تكون للوطن مفيدة...
ومن الموقع الذي تحتلونه اليوم أنتم مطالبون بالعمل ضمن المؤسسة، لكن عملكم هذا يجب أن يكون بالتكامل مع عمل بقية مؤسسات الدولة النظيرة... كما هو مطلوب منكم خاصة العمل في إطار النسق القانوني المؤدي إلى تعزيز ركائز دولة الحق والقانون، وبما يتماشى مع متطلبات الدولة الحديثة المتفتحة على العالم والمحافظة بنفس الوقت على ثوابتها الوطنية...

أيتها السيدات، أيها السادة،
ما برز واضحًا من نتائج انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة تمثلَ هذه المرة حاصة في تأكيد التوجه الداعم لبرنامج السيد رئيس الجمهورية بتواجده الواضح ضمن الهيئة، الأمر الذي سيساهم ولا شك في تأكيد الاستقرار للهيئة ويُساعد على تحقيق الأداء المنسجم لهياكلها ويساعد في توفير المناخ الذي من شأنه إثراء التجربة ضمن المؤسسة بل أقول ضمن البرلمان الجزائري ككل...
انتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة أكد حقيقة أخرى تمثلت في تشكيلة الثلث الرئاسي المعين الذي جاء هو الآخر ليعزز مرة أخرى المكانة للمؤسسة ويُعطي الوزن والمكانة لها من خلال تجديد الثقة في عدد هام ممن انتموا للهيئة.
... المعارضة ضمن المجلس موجودة هذه المرة، وهي حافظت على مكانتها. وإننا بالمناسبة نقول في الموضوع أننا مرتاحون لتواجد الرأي المخالف ضمن الهيئة بل نعتبره ظاهرة صحية في نظامنا البرلماني... وكل ما نتمناه هو أن تساهم هذه المعارضة في إعطاء الإضافة النوعية المرجوة للممارسة الديمقراطية ضمن هيئتنا وتثري الأداء البرلماني فيها...
و"دون الانسلاخ" من ألوانكم السياسية، أنتم زميلاتي زملائي مطالبون بمراعاة مصلحة الهيئة والأخذ بعين الاعتبار بالمصلحة العليا للبلاد والحرص بنفس الوقت على عدم التفريط في مصلحة المواطن. فاعملوا على التوفيق فيما بينها.

أيتها السيدات، أيها السادة،
انتخابكم يأتي متزامنا مع ظرف سياسي خاص ومرحلة اقتصاديًا جد صعبة، الأمر الذي يجعل دوركم ضمن الهيئة حساسًا وصعبًا في نفس الوقت. لأنكم مطالبون بمراعاة انشغالات المواطن والتجاوب معها، ولكنكم بنفس الوقت مطالبون بمراعاة الوضعية الخاصة والصعبة التي تعرفها البلاد في ظل الأوضاع الاقتصادية المحلية والدولية الضاغطة. وهنا أقول لكم أن روح المسؤولية تحتم بالإضافة إلى تفهم هذه الوضعية... المساهمة في اقتراح صيغ حلول للمشاكل المطروحة.

زميلاتي، زملائي،
يأتي انتخابكم ضمن مجلس الأمة متزامنًا مع استحقاق انتخابي وطني هام سيختار بموجبه الشعب رئيسه للسنوات الخمس القادمة... فحاولوا بوزنكم ومكانتكم بين أفراد الشعب، أن تساهموا في تحفيز المواطن على صناعة الحدث وإنجاح الموعد...

سيداتي، سادتي،
بودي وأنا أخاطبكم، أن أقول لكم، إنه خلال مسيرتي البرلمانية، وعبر التجربة الشخصية المكتسبة، أدركت جملة دروس مفادها : أن الحقيقة ليست حكرًا على شخص بعينه...
... ففي هذه القاعة كل واحد منّا يحمل رأيًا ليس بالضرورة واحدًا، ولكن التحاور بذكاء فيما بينكم مع التحلي بروح المسؤولية من شأنها أن تُحوّل وجهات النظر الفردية إلى خيارات جماعية تعود بالفائدة على المجتمع والأمة...
والحقيقة الأخرى هي أن مجلس الأمة يُعتبر فضاءً واسعًا للحكمة ومكانًا مفضلاً للحوار ومنبرًا للنقاش...
مجلس الأمة هو في الواقع مدرسة كبيرة وإطارًا مواتيًا للممارسة الديمقراطية والأداء السياسي المسؤول... لكنه خاصة حصنًا منيعًا لحماية نظام بلادنا الجمهوري ووحدتها الوطنية... فحاولوا أن تكونوا ذلك السياج الذي يحمي الوطن ويصون الأمة.

زميلاتي، زملائي،
... إن هذه المواصفات لأهميتها هي التي تشجعني على دعوتكم إلى الاعتزاز بالانتماء إلى الهيئة التي أصبحتم جزءًا منها...
ولنكن جديرين بالشرف الذي نلناه من الجهات التي فوضتنا بتمثيلها ضمنها...

أيتها السيدات، أيها السادة،
لقد أخذت حريتي في مخاطبتكم بالصراحة التي يجب أن يتحلى بها كل برلماني خاصة وأن عددًا من بينكم يخوض التجربة البرلمانية لأول مرة... فأرجو أن تفهموا كلامي من هذه الزاوية... إنه كلام يأتي من القلب، كلام حنكته التجربة المعاشة.!!
في الأخير أود أن أجدد شكري لكم، زميلاتي زملائي، على الثقة التي منحتموني إياها وأطلب منكم مَدِّي بيد المساعدة من أجل تأدية المهمة النبيلة والثقيلة التي وضعتموها على عاتقي، والتي لن أنجح فيها ما لم تتظافر جهودي بجهودكم لصالح هذه الهيئة... لصالح الجزائر...
لن أنهي كلامي دون أن أتوجه إلى زملائي رئيس المجلس المؤقت والعضو الأكبر سنًّا وزميله الأصغر سنًّا، اللَّذَين باقتدار سَيَّروا جلستي تنصيب المجلس الجديد وانتخابي كرئيس للهيئة، فلهم الشكر والتقدير والعرفان...
وفي الأخير، وقد وقفنا قبل قليل دقيقة صمت وترحم على فقيد الجزائر المرحوم مراد مدلسي رئيس المجلس الدستوري الذي رحل عنا يوم أمس... وبالنظر لما ربطتنا بالرجل من علاقات صداقة أخوية ومؤسساتية... أستغل المنبر والمناسبة لأترحم بدوري على روحه الطاهرة وأمام هذا المصاب الأليم... وببالغ الأسى أتقدم باسمي ونيابة عن أعضاء مجلس الأمة بأخلص التعازي وأصدق المواساة لعائلة الفقيد رحمة الله عليه... ولأعضاء وإطارات وموظفي المجلس الدستوري... سائلاً المولى عز وجل أن يتغمده برحمته الواسعة... وإنا لله وإنا إليه راجعون.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
شكرًا لكم على كرم الإصغاء.

 

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte