مداخلة السيد الهاشمي جعبوب

وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي

أمام لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني حول "واقع وأفاق قطاع العمل والتشغيل

 والضمان الإجتماعي"  

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

 

السَّيِّد رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني المحترم؛

السَّيِّدات والسَّادة أعضاء اللجنة المحترمات والمحترمون؛

السَّيِّدة وزيرة العلاقات مع البرلمان المحترمة.

أُسْرَةَ الإعلام

الحضور الكريم

السَّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

السيد الرئيس؛

اسمحوا لي بداية أن أعبر لكم عن سعادتي بتواجدي بين هذه الوجوه الطيبة الممثلة للمواطنين والمواطنات، وفي هذا الصرح الدستوري، ألا وهو مجلس الأمة لما لهذه المؤسسة من دور وثقل باعتبارها صمام أمان للنظام المؤسساتي للدولة بالنظر لصلاحياتها وتركيبتها البشرية.

كما أتقدم لكم السيد الرئيس ولكل أعضاء اللجنة الموقرة بالشكر الجزيل على كرم الدعوة واستضافتنا ومنحنا الفرصة لعرض واقع وأفاق قطاع العمل والتشغيل والضمان الإجتماعي أمامكم في مداخلة مختصرة.

أرجو أن تتبع مداخلتي هذه بمناقشات مستفيضة تسمح لنا بالإطلاع على إنشغالات المواطنين والمواطنات ذات الصلة بالقطاع الذي أتولى تسييره، وكذا إمدادنا بملاحظاتكم واقتراحاتكم بالنظر لمعارفكم وخبرتكم وتواصلكم الدائم مع المواطنين.

واستهل مداخلتي، بالتذكير بأن قطاعنا يقوم على ثلاثة ركائز وهي العمل والتشغيل والضمان الإجتماعي ويعكف في هذا الصدد على تنفيذ استراتيجية وطنية متكاملة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في برنامج القطاع المنبثق من مخطط عمل الحكومة.

أولا: في مجال العمل:

تسعى الجزائر وبصفتها عضو في منظمة العمل الدولية، إلى اعتماد معايير العمل الدولية، المتضمنة في الاتفاقيات التي صَدَّقَت عليها بلادنا وقد بلغ عددها (60) اتفاقية.

وفي هذا الإطار، يتولى قطاعنا السهر على تكييف تشريع العمل الوطني مع القواعد والأحكام المكرسة ضمن هذه الاتفاقيات، لاسيما في مجال تعزيز   وتكريس الحوار الاجتماعي باعتباره أحد الأساليب الحضارية لمعالجة وفض النزاعات العمالية وتعزيز المشاركة الجماعية وحماية الحريات النقابية وترقيتها قصد المساهمة في وضع السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة وتنفيذها.

وفي إطار تعزيز الحريات النقابية، نسجل أن عدد المنظمات النقابية قد بلغ 140 نقابة منها (48) لأرباب العمل و (92) للعمال الاجراء، من بينها 13 منظمة نقابية تم تسجيلها سنة 2020.

في نفس السياق، ولتعزيز الحوار الاجتماعي المثمر، بادر القطاع بمشروع قانون تمهيدي يعدل القانون 90-14، المؤرخ في 02 جوان 1990 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، وذلك قصد تدعيم الحريات النقابية بتوضيح وبتبسيط وضبط إجراءات تأسيس الفدراليات والاتحادات والكنفدراليات، بين الفروع والقطاعات المختلفة.

وفي باب ترقية علاقات العمل والحوار الاجتماعي، يسهر قطاعنا على تطوير وتهذيب العلاقات المهنية تماشيا مع التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذا الأبعاد التكنولوجية والبيئية، كما يعمل القطاع على إثراء المنظومة التشريعية المتعلقة بأنماط العمل الجديدة، كالعمل عن بعد وضمن إطار المنصات الإلكترونية الخاصة بالمؤسسات الناشئة.

كما يسهر القطاع على تكريس قواعد الوقاية والأمن في أماكن العمل وتطبيق القواعد المتضمنة في القوانين السارية المفعول، من خلال تفعيل المهام الرقابية لمفتشية العمل وتنشيط دور المعهد الوطني للوقاية من الأخطار المهنية والمعهد الوطني للعمل وهيئة الوقاية من الأخطار المهنية في نشاطات البناء والأشغال العمومية والري وكذا مؤسسة طب العمل.

السيد الرئيس؛

السيدات والسادة أعضاء اللجنة،

أما بخصوص نشاط مفتشية العمل، يتولى القطاع مراقبة تطبيق تشريع وتنظيم العمل على مستوى المؤسسات الإقتصادية وتقييم كل ما يتعلق بذلك، وفي مقدمتها احترام الحقوق الأساسية للعمال.

إن التغيرات التي أحدثتها الأزمة الاقتصادية العالمية والتي زادت من حدتها جائحة كورونا، أثرت على عديد الانشطة الاقتصادية في جميع دول العالم، وكان لها وقع كبير على المجتمعات، بحيث ازدادت معدلات البطالة بشكل غير مسبوق، وارتفع عدد النزاعات العمالية الفردية والجماعية.

ونظراً لما لهذه المؤشرات من ارتباط وثيق بعالم الشغل وما ينعكس على مهام وعمل مفتشية العمل، فإنه توجب علينا انتهاج أساليب عمل جديدة وتطبيق أدوات وقائية أكثر نجاعة، حفاظا على مناصب العمل والحد من توسع المخالفات وتدني ظروف العمل.

بالإضافة إلى ذلك، تعين علينا مضاعفة الجهد لمسايرة الأشكال الجديدة لعلاقات العمل التي عرفت تطورا متسارعا، وأدت إلى توسع رقعة الاقتصاد غير المنظم الذي يحرم فئة كبيرة من العمال من التغطية الاجتماعية والعمل اللائق.

ولقد أدرك العمال الناشطون في القطاع غير المنظم خلال هذه الأزمة الصحية التي تمر بها بلادنا، مدى أهمية التغطية الاجتماعية التي يكفلها انخراطهم في النشاط المنظم.

وإننا نسجل نقص الموارد المادية والبشرية لمفتشية العمل ووسائل العمل الحديثة، مما يعيقها في أداء مهامها على الوجه الأكمل.

ولتصحيح هذا الوضع، برمجنا دعم مفتشية العمل بالموارد البشرية الكفؤة والوسائل المادية وكذا الانطلاق في عصرنة ورقمنة القطاع بعملية هامة نرمي من خلالها للارتقاء بمستوى أداء هذه الهيئة ونسعى إلى تجسيدها خلال السنوات الأربع القادمة.

السيد الرئيس؛

السيدات والسادة أعضاء اللجنة،

ثانيا: بخصوص مجال التشغيل:

يسهر القطاع على ترقية وضبط سوق الشغل عن طريق الأجهزة العمومية لترقية التشغيل، من خلال نشاط الوساطة الموكل للوكالة الوطنية للتشغيل وفروعها الولائية وكذا الهيئات الخاصة للتنصيب المعتمدة (OPAP)، إضافة إلى الجهاز العمومي لإحداث النشاطات المسيرة من طرف الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة (CNAC).

وفي هذا الصدد، نشير إلى أن سنة 2020 كانت سنة استثنائية بسبب إنتشار وباء كورونا، وما سببه من آثار سلبية على النشاط وعالم الشغل.

فقد شهد نشاط الوساطة في سوق العمل انخفاضا في عدد عروض العمل من 437 ألف سنة 2019 إلى 306 ألف سنة 2020 أي بانخفاض قدره 30٪.

وتركزت عروض العمل أساسا في قطاعات البناء والأشغال العمومية والري والصناعة والخدمات، 80 ٪ منها مصدرها القطاع الخاص.

وفي المقابل انخفض عدد تنصيبات طالبي العمل سنة 2020 إلى 230.621 مقابل 335.311 سنة 2019 أي بتراجع قدره 31٪.

أما فيما يخص عملية الإدماج التي أقرها المرسوم التنفيذي رقم 19-336 المؤرخ في 08 ديسمبر 2019، المتعلق بجهاز المساعدة على الإدماج المهني، فقد شمل 365.000 شابا كان مقررا إدماجهم خلال ثلاثة سنوات 2019، 2020، 2021، بإعتماد معيار الأقدمية.

ونسجل تباطؤا كبيرا في إنفاذ هذه العملية، حيث لم يتم إدماج سوى 35.906 شاب إلى غاية 31 ديسمبر 2020، أي 24% من مجموع الدفعة الأولى المقدر تعدادها 149.634 و9 % من المجموع الكلي للمعنيين بعملية الإدماج.

ويرجع هذا التأخر بالأساس إلى عدم تحرير المناصب المجمدة وعدم تحديد المناصب المالية الواجب إنشاؤها، وكذا عدم ملائمة مؤهلات بعض المعنيين مع المناصب المتوفرة، بالإضافة إلى تشبع بعض الهيئات والإدارات بالعنصر البشري.

ولتدارك هذا التأخر، قَدَّمْتُ في اجتماع مجلس وزاري مشترك وفي اجتماع مجلس الحكومة، عرضا مستفيضا تضمن إجراءات عملية قصد تذليل الصعاب وتسريع عملية الإدماج.

وعلى هذا الأساس، سنواصل جهدنا خلال سنة 2021 لمتابعة عملية الإدماج وفق المقاربة الجديدة بالتنسيق مع قطاعات المالية والوظيفة العمومية وكذا القطاعات المعنية بهذه العملية، في الآجال التي حددها المرسوم التنفيذي السالف الذكر.

أما فيما يتعلق بترقية إحداث النشاطات:

فرغم الأزمة الصحية مول الصندوق الوطني للتأمين عن البطالة، 4.262 مؤسسة مصغرة خلال سنة 2020 قادرة على إحداث 10.039 منصب شغل مباشر، موزعة حسب قطاعات النشاطات كالتالي: 44.6 % في الفلاحة و22.5% في مجال الحرف و9.8% في الخدمات    و 8,6 % في الصناعة.

أما فيما يتعلق بآفاق التشغيل:

فترتبط مسألة التشغيل أساسا بالاستثمار المولد للثروة ومناصب الشغل، وفي جميع القطاعات، لاسيما، البناء والأشغال العمومية والري وكذا الفلاحة والسياحة وباقي القطاعات الخدماتية، وهذا ما يستدعي وجوبا الدفع بوتيرة الاستثمار الوطني والأجنبي المباشر دفعا قويا خاصة بتبسيط الاجراءات الإدارية وطرق التمويل ومنح الامتيازات الجبائية والجمركية الجذابة.

- بالنسبة لعصرنة المرفق العمومي المكلف بالوساطة في سوق الشغل   وترقيته:

فتنفيذا لمخطط عمل الحكومة بهذا الشأن، يواصل قطاع العمل تجسيد برنامج عصرنة ورقمنة المرفق العمومي للتشغيل وتعزيزه من أجل ضمان تسيير أكثر شفافية ونجاعة لسوق الشغل، وجعله في مستوى تطلعات طالبي وعارضي العمل، ويتعلق الأمر أساسا بـ:

  1. مراجعة الإطار التنظيمي المسيّر لهيئات القطاع الخاص المعتمدة المكلفة بتنصيب العمال، حيث تم اعداد مشروع قرار وزاري مشترك يتضمن تحديد سلم أتعاب التكفل بالأداءات التي تقدمها هذه الهيئات.

  2. اعداد مرسوم تنفيذي يتضمن إنشاء المدونة الجزائرية للمهن والوظائف.

  3. مراجعة آليات جهاز المساعدة على الإدماج المهني، بإدراج آليات جديدة توفق بين التكوين والتشغيل والمؤهلات، وترتكز على مقاربة اقتصادية محضة.

وبخصوص آفاق دعم استحداث النشاطات:

أعد القطاع جملة من التدابير تخص لاسيما:

  1. ترقية المقاولاتية وتجسيدًا لإلتزام السيد رئيس الجمهورية، تم إعداد مشروع قانون يتمم القانون 90-11 المؤرخ في 21 أفريل 1990، المتعلق بعلاقات العمل، يؤسس لعطلة جديدة لتمكين العمال من التفرغ لإنشاء مؤسساتهم.

السيد الرئيس؛

السيدات والسادة أعضاء اللجنة،

ثالثا: بخصوص الضمان الاجتماعي:

ترتكز السياسة الوطنية للحماية الإجتماعية أساسا على المنظومة الوطنية للضمان الإجتماعي القائمة على مبدأي التوزيع والتضامن مع إلزامية الاشتراك وتوفير التغطية الإجتماعية لكل المواطنين.

تغطي هذه المنظومة المخاطر التسعة (9) المنصوص عليها في الإتفاقية رقم 102 لمنظمة العمل الدولية، المتمثلة في التأمين عن المرض، الأمومة، العجز، التقاعد، الوفاة، حوادث العمل، الأمراض المهنية، البطالة والمنح العائلية.

وقد انصبت جهود القطاع في هذا المجال على مواصلة تدعيم النشاطات التي تم الانطلاق فيها سابقا، على غرار تحسين الخدمات لفائدة المؤمن لهم اجتماعيا، من خلال عصرنة التأمين عن المرض وتطوير الخدمات الإلكترونية عن بعد.

وللتذكير، تتكفل صناديق الضمان الإجتماعي بتقديم الأداءات للمؤمن لهم اجتماعيا من خلال:

  • أولا: المساهمة السنوية في ميزانيات المستشفيات العمومية، حيث بلغت هذه المساهمة 92 مليار دج سنة 2020 و102 مليار دج سنة 2021.

  • ثانيا: تعويض الأدوية والأداءات الصحية والتي بلغت سنة 2019:

  • 242 مليار دج للأدوية؛

  • 4,5 مليار دج، لعيادات جراحة القلب (29 عيادة) ؛

  • 12 مليار دج لمراكز تصفية الدم (193 مركز)؛

  • 3,5 مليار دج للنقل الصحي (343 ناقل) ؛

  • 1,5 مليار دج للأطباء المتعاقدين (3630) ؛

  • 530 مليون دج لعيادات التوليد (83) من أفريل إلى غاية نوفمبر 2020.

يضاف إلى هذا الجهد المالي نفقات التحويلات للعلاج في الخارج والتي تقتصر على الأمراض المستعصية لاسيما: جراحة القلب وجراحة الأعصاب وزرع الكبد.

ومن جهة أخرى، ولمواجهة تداعيات وباء كوفيد 19، أقر السيد رئيس الجمهورية دعما ماليا لفائدة المواطنين، تتكفل صناديق الضمان الإجتماعي بدفعه وفق الجدول التالي:

  • 5000 دج للسكانير؛

  • 3500 دج للفحص البيولوجي PCR؛

  • 1500 دج للفحص الجيني السريع (Test Antigénique).

تقدر تكلفة هذه التعويضات بـ 4 ملايير دج شهريا.

ولقد كان للوضع الاقتصادي والوبائي الأثر العميق على منظومة الضمان الاجتماعي، التي تعرف عجزا ماليا هيكليا في كل فروعها، والذي يظهر جليا في فرع التقاعد الذي بلغ العجز فيه خلال سنة 2020، 680 مليار دج، أي ما يمثل حوالي 50 % عجز في دفع المعاشات ومنح التقاعد.

ويعود هذا الاختلال إلى نقص الموارد التي تعتمد أساسا على اشتراكات الضمان الاجتماعي وارتفاع النفقات خاصة مع تراجع عدد المشتركين   وارتفاع عدد المتقاعدين خلال الفترة 2016-2018.

وبتضاؤل عدد العمال المشتركين، نحصي حاليا 2,3 مشترك لكل متقاعد، بينما تقتضي معايير التوازن المالي للنظام، أن يشترك 5 نشطين على الأقل لكل متقاعد، ولن يتأتى ذلك إلا ببعث النشاط الاقتصادي الاستثماري الخلاق لمناصب العمل.

ومن أجل المحافظة على النظام الوطني للضمان الإجتماعي، تم وضع برنامج يرتكز أساسا على:

  1. توسيع قاعدة الاشتراك وتعميمه إلى الأشخاص النشطين في القطاع الموازي؛

  2. إعداد نص تنظيمي لاستحداث التقاعد التكميلي على مستوى الصندوق الوطني للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الاجراء؛

  3. تكملة المسار التعاقدي بين صناديق الضمان الاجتماعي ومؤسسات الصحة العمومية؛

  4. تطوير الخدمات الإلكترونية عن بعد المقدمة من طرف صناديق الضمان الاجتماعي؛

  5. تعزيز مهام التحصيل والمراقبة المنوطة بصناديق الضمان الاجتماعي؛

  6. تطوير جهاز وقائي وردعي للمخالفات، لوضع حد للتجاوزات والاحتيالات التي تمس بخدمات الضمان الاجتماعي.

السَّيِّد الرئيس،

السَّيِّدات والسَّادة أعضاء اللجنة،

  ختاما وفي إطار حرص الحكومة على تطوير وتحسين العلاقة بين الإدارة والمواطن أجدد لكم عزم قطاعنا وحرصه على تنفيذ مخطط عمل الحكومة في شقه المتصل بالعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، بما يضمن احترام الحقوق الأساسية للعمال، وترقية الشغل ومحاربة البطالة وتحسين التغطية الاجتماعية والمحافظة على ديمومتها.

أشكركم على كرم الإصغاء والمتابعة

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte