أيتها السيدات، أيها السادة،

انتهينا قبل قليل من المصادقة على قانون المالية لعام 2017، وبهذه المصادقة نكون قد خطونا ببلادنا خطوة هامة تهيؤها لمواجهة المصاعب المالية الحساسة التي تعرفها... كون القانون المذكور جاء بأحكام وتدابير من شأنها أن ترسم معالم طريق سياستنا الاقتصادية والمالية للسنة القادمة على ضوء المصاعب والتحديات المتوقعة...

- وإنني منطلقًا من هذا الواقع ومقدرًا للأهمية التي يكتسيها الموضوع... أستسمحكم إبداء بعض الملاحظات والتعبير عن بعض الآراء ذات الصلة بمضمون هذا القانون...

l لكن قبل هذا وذلك، أود أن أسجل الأهمية والخصوصية التي يكتسيها هذا القانون... كون المصادقة تأتي في ظل ظروف خاصة تعرفها البلاد وهي تأتي عقب نقاشات ثرية وعميقة في مجلس الأمة، وقبلها على الساحة الوطنية... مناقشة - مجلسنا - سادتها الواقعية في المعالجة والموضوعية في تقديم صيغ الحلول للمشاكل المطروحة حاليًا أو تلك التي ستطرح مستقبلاً.

نقاش قُدمت فيه أفكار بنّاءة في مضمونها وقابلة للتطبيق على صعيد الواقع. ومن كل ذلك يصبح هذا القانون (من وجهة نظرنا) محطة هامة في مسيرة وطننا وبالوقت ذاته يشكل منعرجًا جديدًا في نهج سياستنا المالية والاقتصادية من شأنه أن يُدخل البلاد في مرحلة ترشحها لأن تكون في مكانة تُمَكِّنها من التصدي لمصاعبها المالية الظرفية... وتمكنها من التوفيق ما بين التحديات الحقيقية التي تعترضها والتي يجب التكيف معها والظروف الصعبة التي يعاني منها المواطن والتي يجب التكفل بها.

أيتها السيدات، أيها السادة،

إن نقاشات أعضاء مجلس الأمة لم تنطلق من فراغ ولم تقدم طروحات خيالية ولا هي كانت ترمي إلى إقتراح تصورات مستحيلة التحقيق، بل هي كانت في مجملها تعرض الواقع المعاش أمام الهيئة التنفيذية وتسعى إلى تقديم التصورات التي تهدف إلى التوفيق بين ما هو مقدم لها من مقترحات في القانون المعروض وما يراه السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمة من رؤى واقعية للمشاكل المطروحة وكما يعيشها المواطن.

l الأمر الذي يجب التذكير به في هذا المجال هو أنّ قانون المالية لسنة 2017 جاء في سياق بداية تفعيل وتنفيذ الخطوات الأولى من النموذج الاقتصادي الجديد الذي يهدف إلى تدعيم الاقتصاد الوطني وتعزيز فرص الاستثمار وكذا تعزيز الإنتاج في قطاعات استراتيجية هامة كالصناعة والفلاحة والسياحة التي بإمكانها أن تشكل  قطاعات رافدة لمرحلة ما بعد النفط ودخول البلاد في مرحلة الانتقال الاقتصادي بسلاسة وثبات. وهو ما استوجب اعتماد إجراءات جديدة تساعد على نجاح هذا التوجه...

l ولقد أقرّ قانون المالية المصادق عليه، جملة من الترتيبات الرامية إلى ترشيد النفقات وصرف المال العام بغرض تمكين البلاد من مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها.

l قانون المالية الذي زكيناه قبل قليل يجب أن نسجل فيه أنّه أتى بتدابير قد لا ترضي البعض... لكن الأمر الذي يجب الاعتراف به أيضا هو أن الدولة مع صعوبة الظرف وشح الموارد، عملت على إتباع خيارات صعبة استوجبتها المرحلة لكنها بالمقابل بذلت جهدًا واضحًا للحفاظ على مستوى التحويلات الاجتماعية والاعتمادات المالية المخصصة للقطاعات الهامة كالتربية والصحة والسكن...

لهذه الأسباب وغيرها نود أن نستغل المناسبة لكي ننوه بجهود الحكومة تحت قيادة فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وسداد توجهاتها، ونثني على خياراتها الاقتصادية والمالية وبالوقت نفسه نود أن نلفت الانتباه إلى الخطورة التي تكتسيها بعض الأحكام التي تصدر بين الحين والآخر عن بعض الجهات المعروفة... حين تروج وفي هذا الظرف بالذات لتصورات سوداوية وتحاليل افتراضية تنقصها الدقة في التحليل...

لهؤلاء نقول لطفًا بشعبكم... يكفينا ما عانت منه بلادنا من مثل هذه الادعاءات والتحاليل الوهمية لأن الجزائر لديها من الانشغالات ما يكفيها، فلا تقحموها في متاهات كلامية ليست بحاجة إليها...

... وفي الخلاصة نقول أن قانون المالية لسنة 2017 جاء في ظرف خاص يتوجب علينا جميعًا فهم ملابساته والعمل على مواجهة تبعاته بحكمة وروح مسؤولية، بل أقول بكل شجاعة...

لكم جميعًا زميلاتي زملائي كل الشكر على قراركم المتمثل في المصادقة على قانون المالية لسنة 2017... ويبقى على الهيئة التنفيذية وروافدها المحلية والوطنية أن تعمل على التنفيذ الأمين لمضمون أحكام هذا القانون بما من شأنه أن يحمي المال العام للخزينة وبالوقت نفسه يحمي القدرة الشرائية للمواطن... وهنا لا بد لي من القول أن المسؤولية هي في النهاية مسؤولية جماعية، بل أقول مسؤولية مجتمعية... واجبنا فيها تثمين نقاط قوتنا وسدّ الفجوات التي يتسرّب من خلالها أعداؤنا...

 

شكرًا لكم على كرم الإصغاء،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte