كلمة
السيد عبد القادر بن صالح
رئيس مجلس الأمة
في اختتام
الجلسة المخصصة لمناقشة
عرض مخطط عمل الحكومة
___
الأربعاء 27 سبتمبر 2017
بودي، مع نهاية نقاش مخطط عمل الحكومة الذي كان متبوعًا بالردود المستفيضة التي قدمتموها السيد الوزير الأول، أن أعبر عن كامل ارتياحي لأجوائها. نقاش أتى متنوعًا في مضمونه وجادًا في طرحه...
... أود بالمناسبة أن أشكركم السيد الوزير الأول على العناية التي أعطيتموها للرد على مختلف الانشغالات التي تم التعبير عنها في هذه القاعة، ولن أترك الفرصة تمر دون التنويه بالاهتمام الذي أوليتموه لأعضاء البرلمان من خلال التزامكم باتخاذ إجراءات هامة من شأنها تسهيل مهمة أعضائه في تأدية دورهم البرلماني...
ومن باب الأمانة نقول، السيد الوزير الأول، أن مخطط عمل حكومتكم كان مخططًا متكاملاً، وهو جاء عاكسًا لواقع البلاد ولتطلعاتها...
كونه أتى باقتراحات جريئة وبتشريح كامل لواقع البلاد في ظل الأوضاع الاقتصادية الدولية المعقدة، وهو بنفس الوقت أعطى مقترحات حلول دقيقة للمصاعب الحقيقية التي تواجه البلاد.
زميلاتي،
زملائي،
لقد لاحظتم ولا شك أن نقاش الهيئة جاء صريحًا وهادفًا لكنه كان في مجمله داعمًا لتوجهات الحكومة وكان متسمًا بروح مسؤولية عالية كون السيدات والسادة أعضاء الهيئة يدركون جدية التحديات التي تواجه البلاد وانعكاساتها السلبية على البلاد عامة، لذا كان طبيعيًا أن يدعموه كونه يرمي إلى إخراج الجزائر من أوضاعها الصعبة، وهو الإدراك الذي ترجمته كثافة المتدخلين وعمق وتنوع الطروحات التي جاء بها نقاش القاعة.
أيتها السيدات،
أيها السادة،
إن أعضاء مجلس الأمة الذين في معظمهم تقلدوا مسؤوليات في الدولة وبقوا على اتصال مستمر بواقعهم المحلي يعرفون جيدًا حساسية المهمة التي كلفوا بها لأداء هذه المسؤولية وفي هذه المرحلة الدقيقة بالذات، وهم لذلك أولوا موضوع النقاش العناية المطلوبة لكن دعموا في النهاية مضمون هذا المخطط الطموح والشجاع بنفس الوقت، وأبانوا تفهمًا واضحًا لمضمون اقتراحاتكم، وساندوا كافة الإجراءات المتضمنة فيه. السيد الوزير الأول، مخطط عمل حكومتكم حظي بدعم المجلس الشعبي الوطني وهو اليوم ينال دعم أعضاء مجلس الأمة...
مُبرر هذا الدعم يكمن بالواقع في كونه جاء مُكرسًا ومحينًا لمضمون برنامج فخامة رئيس الجمهورية الذي زكاه الشعب سنة 2014 ولأنه تضمن إجراءات شجاعة ومحينة، وتقدم بمقترحات حلول واضحة اِتسمت بالجرأة والواقعية، مقترحات في غايتها النهائية جاءت لتوطيد دولة القانون والحريات والديمقراطية، وتعزيز الحكم الراشد ومواصلة الجهد من أجل ضمان استمرار حركية التنمية وتحقيق الرفاه للشعب وتثبيت أركان الأمن والأمان والاستقرار للبلاد...
وإن هذه الخيارات هي التي دفعت أعضاء مجلس الأمة بالواقع لتبني مخطط عمل حكومتكم الموقرة هذه. السيد الوزير الأول، إننا ندرك صعوبة الظرف وتعقيدات المرحلة بالنظر لما تواجه البلاد فيها من تحديات جمة وعلى كافة الأصعدة، لكننا ندرك أيضا أنكم وبتوجيه من فخامة الرئيس بوتفليقة وبدعم من المؤسسات الدستورية ومرافقة جادة من الشركاء السياسيين والاجتماعيين لقادرون على النجاح في تأدية مهمتكم النبيلة والخروج بالبلاد إلى بر الأمان.
كما أننا لعلى ثقة من أن الجزائر من جهتها قادرة على رفع التحدي وتجاوز المصاعب التي تواجهها خاصة وأن الأغلبية في المجتمع مدركة اليوم للخطر الذي أصبح يهدد الجميع وهي لذلك مطالبة بالإلتفاف حول المصلحة العليا للبلاد من خلال انتهاج وحدة الصف والكلمة. لهذه الأسباب وغيرها فإننا في مجلس الأمة تجاوبنا إيجابيًا مع مخطط عمل الحكومة وشاطرناها القناعة بضرورة بناء جبهة وطنية صلبة ينضوي تحتها كافة الفاعلين السياسيين والشركاء الاجتماعيين...
وإننا منطلقين من هذا الفهم للأمور فإننا ندعو إلى مراجعة ترتيب الأولويات من خلال ترشيد الإنفاق العام وعقلنة التسيير ومن خلال تحسيس المواطن وإقناعه بانتهاج سلوك واعي يرمي إلى عقلنة الاستهلاك العائلي وتجنب كافة أشكال التبذير والعمل على محاربة الآفات الاجتماعية الغريبة عن مجتمعنا كالرشوة وكافة أنواع الفساد التي أصبحت تنخر جسم مجتمعنا. من جانبنا في مجلس الأمة السيد الوزير الأول، فإن الإرادة تحدونا، في إطار مهامنا الدستورية، إلى دعم كافة التوجهات التي تضمنها مخطط عمل حكومتكم... وقد عبرنا عن موقفنا هذا من خلال اللائحة التي قبل قليل صادقنا عليها.
وفي إطار آخر غير بعيد عن هذا، فإننا نقول لكم، السيد الوزير الأول، أننا نُدعم كافة مساعيكم الرامية إلى الحوار، ونعتبر اللقاء الأخير الذي تَمَّ بينكم وبين ممثلي التشكيلات المُتواجدة في البرلمان خطوة هامة وهادفة نثمنها عاليًا، وندعو بنفس الوقت إلى ضرورة مواصلته بل توسيع دائرته.
المطلوب في هذه المرحلة تحديدًا هو الانفتاح على الجميع وخاصة على أولئك الذين لديهم أفكارًا قد تفيد في تطوير الجزائر...
وفي هذا الباب فإن المعارضة، وإن كنا نختلف وأياها في بعض المجالات، فإننا نعتقد أنه لا يجب أن تصد باب الحوار في وجهها لأن لديها تأكيدًا ما تقوله وتقدمه، خاصة وأن الأوضاع الصعبة التي تعرفها الجزائر تعني الجميع...
ولأن تقديم الرأي وعرض المقترح يعتبر دائمًا عملاً محمودًا ومرحب به من أين أتى وأين كان موقع وموقف صاحبه. أيتها الزميلات، أيها الزملاء، وقد صادقنا على مخطط عمل الحكومة ودعمناه فالمطلوب منا الآن هو متابعة تطبيقه في الميدان...
خاصة وأن الجزائر بموجب هذا البرنامج تدخل في مرحلة جديدة وفي ظل ظروف وأوضاع صعبة...
من جانب آخر فإن الشروع في تطبيق مضمون هذا المخطط يأتي قبيل انطلاق الحملة الانتخابية للمحليات القادمة والتي نحن مطالبون فيها بالمشاركة في تنشيط وإنجاح فعالياتها. وفي مضمون المخطط أمور كثيرة قد نستغلها في إطار الحملة الانتخابية لشرح حقيقة التحديات التي تواجه البلاد وإفهام المواطن بحقيقتها. وأنتم زميلاتي زملائي أولى بتوضيحها أثناء الحملة الانتخابية القادمة. في الأخير نقول هنيئًا لكم السيد الوزير الأول، وهنيئًا لنا كافة على هذه المصادقة...
لكن أمام الشعب نحن وأنتم في الحكومة مطالبين ليس فقط ببذل جهد بل مطالبون بتحقيق نتيجة.
وَفَّقَنا الله وإياكم لما فيه خير للبلاد والعباد...
والسَّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.