تَتَوالى منذ أسابيع ممارساتٌ تصدر عن أوساط فرنسية مختلفة تحمل في مغزاها معنى حملة ممنهجة تصبّ في اتجاهٍ معاكس للرصيد الذي تم تحقيقه في السنوات الأخيرة على صعيد بناء علاقات جزائرية فرنسية متميزة، وبآفاق إستراتيجية قائمة على مبدأ المصالح المشتركة وفي إطار الثقة والاحترام المتبادل.

إن تلك الممارسات المرفوضة التي بدأتها صحيفة فرنسية بدوسها الصارخ على أدبيات مهنة الصحافة والإعلام، حيث تعمدت أسلوب المراوغة والتغليط عندما تناولت على صفحاتها ما يسمى بـ "أوراق بنما"، فلم تتورع عن الإساءة لمؤسسات الدولة ورموزها.. لم تكن حالة معزولة.. ولا يمكن إلا أن تُعدّ بالنظر لما أعقبها سقطة فاضحة تندرج في سياق حملة بإيقاعات متناغمة هدفها الإساءة للجزائر وشعبها من خلال المساس برموزها، وهو الأمر الذي تأكد - مرةً أخرى - بالزلَّة التي سارع مانويل فالس، الوزير الأول الفرنسي إلى نشرها على حسابه في التويتر بعد أن حظي بشرف استقباله من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة.. وهي زَّلةٌ خطيرة تُنبئ بنوايا مبيتة، وتُحيل على نزعة خالية من روح المسؤولية، فضلا عن كونها تتجاوز ضوابط الأخلاق والأعراف الدبلوماسية والسياسية.. ليُضاف إلى ذلك تواطؤٌ واضح لقناة تلفزيونية فرنسية مدعومة من وزارة الخارجية من خلال توفيرها منبرٍ، تُنفث منه سموم حاقدة على الجزائر ومواقفها الثابتة.

إن هذه الوقائع الموصوفة بالتتابع والتزامن تَحدث في وقتٍ تتعالى فيه أصواتٌ داخل البرلمان الفرنسي دأَبت على لهجة العداء المعلن لبلدنا، إذ تتحين هذه الأصوات الفرص لتكالبها على الجزائر بوقاحة، وهذه المرة من باب المطالبة بتعويض الأقدام السوداء ومحاولة تمرير قانون يتيح حسب - زعمهم - للحركى إصلاح الضرر الذي لحق بهم.

أمام كل هذا، فإن مكتب مجلس الأمة يعتبر الهبة الواسعة التي تطبع الساحة الوطنية اليوم، مُتصدّيةً بقوة لهذه الحملة، هي من صميم معدن الشعب الجزائري الذي لا يقبل إطلاقاً خَدشَ رموز دولته ومؤسساته، فلقد أبانت ردَّةُ فعله تعلّقَه برئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة وعرفانه له وللإنجازات التي تحققت ومازالت تتحقق تحت قيادته الحكيمة.. ويعتبر أن انخراط السيدات والسادة أعضاء المجلس منذ الوهلة الأولى في التصدّي لهذه الحملة بالتنديد والاستنكار عبر مختلف المنابر وفي كل الفعاليات السياسية والاجتماعية على امتداد ربوع الجزائر بمثابة الواجب الوطني الذي يملي على الجزائريات والجزائريين التفطّن لكل أشكال المكر وإحباط كل الدسائس الرامية لزعزعة الجزائر بقصد إضعاف موقفها.

 

وإن مكتب مجلس الأمة إذ ينوه بالمبادرات والمساهمات التي ما فتئ يبديها أعضاءُ المجلس في كل الفرص والمناسبات للتنديد بتلك الممارسات المرفوضة، يدعو الجزائريات والجزائريين إلى البقاء على عهدهم بالتلاحم الوطني في مثل هذه الظروف وعلى تمسكهم بالدولة ومؤسساتها، وفي نفس الوقت يُحذّر مكتب مجلس الأمة من مغبة تمادي جهاتٌ وأوساط فرنسية في أسلوب الابتزاز والمساومات التي من شأنها أن تفضي إلى تعطيل مسار العلاقات بين البلدين.. وتؤدي إلى تأزمها، وهو إذ يؤكد على أن هذا التوّجه لا يفيد مع الجزائر جزائر الشهداء والمجاهدين.. يعتز بالموقف الرسمي والشعبي الساخط على تلك الإنزلاقات، وهو موقف وطني يتجلى كلّما تعلق الأمر بالمساس بالجزائر وسيادتها ووحدتها ورموزها وهو أقوى وأصلب مما قد يتوهم الواهمون على الضفة الأخرى.

0
0
0
s2sdefault
diplomatie
culture
porte ouverte